من جديد؛ يبثُّ تنظيم «الدولة الإسلامية» مقطع فيديو يظهر شبابًا من جنسيات أجنبية انضموا حديثًا للتنظيم، ويشاركون في ذبح الأسرى والرهائن جنبًا إلى جنب مع الجهاديين المتشددين. وأظهر هذا الفيديو الأخير شابين فرنسيين يبلغان من العمر 22 عامًا؛ أحدهما من الطبقة الفقيرة والآخر من الطبقة المتوسطة، اعتنقا الإسلام منذ وقت ليس ببعيد ثم شقّا طريقهما إلى سوريا على ما يبدوا في عام 2013م للانضمام للتنظيم المسلح الذي يسيطر على مناطق في سوريا والعراق.
السبب وراء إقدامهما على تلك الخطوة سؤال يردده الفرنسيون وسط حالة من الذهول. لكن ما فعلاه لم يعد يدعو للدهشة أو الاستغراب نظرًا لتزايد أعداد الأجانب المنضمين للتنظيم من دول عديدة أبرزها الولايات المتحدة وكندا وحتى القارة الأوروبية، فضلاً عن الأعداد الكبيرة للنساء من خلفيات غير مسلمة؛ واللاتي يغادرن بلادهن ليلتحقن بالتنظيم افتنانًا بما يشاهدنه من مكر ودهاء الآلة الإعلامية لـ«الدولة الإسلامية».
وتتفاوت التقديرات الخاصة بعدد الأجانب في صفوف «الدولة الإسلامية»، لكن «وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية» قالت في سبتمبر/أيلول الماضي إن التنظيم الذي يتجاوز عدده تقريبًا 31 ألف مقاتل فعّال، جاء نصفهم تقريبا من دول أجنبية بحسب ما نقله «المركز الدولي لدراسة التطرف» في لندن ومجموعة «صوفان» في نيويورك.
وانضمت الأغلبية الساحقة من الرجال من دول إسلامية وعربية وغيرها بدافع الجهاد الذي تشجع عليه الحماسة الدينية، معتبرينه فرصة لمحاربة الغرب المنحل والسعي لحياة أخرى كريمة كما يردد عناصر التنظيم، لكن تدفق المجندين غير المسلمين وغير المتدينين على التنظيم من الغرب واستغلالهم في أعمال القتل الوحشية – كما بث شريط الفيديو - هو أمر يمثّل ظاهرة جديدة ومقلقة بحسب ما ترى «نيويورك تايمز».
ومما يدعوا للقلق من هذه الظاهرة أنها تخاطب الإغراء «اللاشعوري» لهذا التنظيم للتقدم نحو الهيمنة على ميدان حروب الإرهاب في العقود الأخيرة. كما أنها مُقلقةٌ بسبب الخطر الأمني الذي تشكله عندما يبدأ المقاتلون الناجون في العودة إلى أوطانهم في الغرب.
أفضل وسيلة لتبديد تلك المخاوف، أن الحكومات الغربية يتحتم عليها اعتراض طريق المشبته بهم، وغلق طرق وصولهم لميادين القتال، ثم اعتقال الجهاديين العائدين من هناك ومن ثم إخضاعهم لمراجعات تزيل بذور التطرف التي غُرست فيهم.
كما ان الطريقة المُثلى لمكافحة إغراء تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي نجح حتى الآن في جذب الآلاف من الشباب الغربي إلى صفوفه هو حرمانه من النجاح وغلق كل المنافذ أمامه، وأن تظل محاربته هي الأولوية. وفي الوقت الراهن؛ علينا أن نعي أنه ليس كل الذين علقوا في شباك «الدولة الإسلامية» سيعودون ومعهم التهديد. نحن منتبهون بشدة. ولكن ثمة وسيلة تُبقي الباب مفتوحًا لأولئك الذين يرغبون في نبذ التطرف ينبغي أن تكون في الاعتبار.