الذكري الرابعة لثورة 25 يناير .. عادوا إلى «مقاعدهم» عودوا إلى «ميادينكم»

الأحد 25 يناير 2015 09:01 ص

تحل الذكري الرابعة لثورة 25 يناير 2011، وسط نواح الثوار المتصارعين أيديولوجيا، وبكاء المسجونين منهم علي اختلاف مشاربهم السياسية علي اللبن المسكوب، واستعدادات أمنية لوأد أي انتفاضة أو ثورة جديدة بعد دعوة تحالف الشرعية لما أسماه «مصر بتتكلم ثورة»، من خلال غلق الميادين والدفع بربع مليون جندي وضابط (230 ألف) في الشوارع مع ألاف المدرعات والمصفحات، بخلاف قوات الجيش، حسبما قال وزير الداخلية.

عدد كبير من المحللين والنشطاء من ثوار 25 يناير، باتوا يرفعون شعار (يناير الجديد.. ليس يناير من جديد)، أي ثورة من جديد لا البناء علي ما جري لأنه لم يكن ثورة!

وإن كانوا يعترفون في التغريدات التي كتبوها علي تويتر أن «الاستعدادات لثورة 25 يناير الجديدة لم تكتمل بعد»، ويرجعون ذلك لاستمرار تشرذم الثوار وتطويع النظام لبعضهم عبر مكاسب خاصة، وضرورة مشاركة كل المصريين فيه، فضلا عن القمع الأمني غير العادي الذي يسانده قادة المجلس العسكري.

أما أخطر ما يميز الذكري الربعة فهو أنها تبدو وكأنها لن ترفع شعار «سلميتنا أقوي من الرصاص»، في ظل انتشار حالة من العنف الشديد والانفجارات التي وصلت لأعتاب قصر الرئاسة بمنطقة القبة شرق القاهرة، وحرق مقرات حكومية ومحاولة اغتيال شخصيات حكومية، وقطع طرق.

ويبدو أن العنف هذه المرة – رغم استمرار المظاهرات السلمية في مجملها – رد علي ما حدث في الذكري الثالثة للثورة والتي أسميت: «مذبحة الجرينوف»، بعدما استخدمت الشرطة والجيش مدافع الجرينوف – بحسب النشطاء وكما ظهر في فيديوهات مرفوعة علي «يوتيوب» -  وسقط 106 قتلى متظاهرين في يوم واحد أمام الرشاشات والمدرعات والطائرات بعدما أكد وزير الداخلية حينئذ أنه أمر بنشر «أسلحة ثقيلة»، وهدد المتظاهرين بلغة غير معتادة في هذا اليوم قائلا: «اللي عايز يجرّب.. يجي»!

«د. رفيق حبيب» المفكر المصري يقول في تقييمه لما سيجري أن: «استمرار الحراك الثوري يجعل الثورة حاضرة ومستمرة»، مشيرا إلى أن: «الحراك الثوري في مصر قادر على الاستمرار، وإن كان بدرجات مختلفة، بل يبدو أحيانا أن تهدئة الحراك الثوري يقصد منه إكسابه القدرة على الاستمرار، حتى وإن كان الاستمرار على حساب التصعيد، واستمرار المعركة لفترة طويلة، يؤدي أيضا إلى انخفاض مستوى الحراك، ولكن تغير مستوى الحراك بين فترة وأخرى، وغياب التصعيد في بعض الفترات، يختلف عن الدخول في مرحلة التوقف عن الحراك الثوري».

ربما لهذا قال وزير الداخلية وكثير من المسئولين الأمنيين أن هذا اليوم سيمر مثل أي يوم عادي، وتوقع محللون أن يمر كذلك دون تغيير كبير في الأوضاع باستثناء أعداد من القتلى وأعمال العنف وتوقف الحياة في ذلك اليوم تقريبا لعزوف المصريين عن الخروج تفاديا لأي أضرار أو مشاكل.

عادوا إلى «مقاعدهم» سنعود إلى «الميادين»

الشعار الذي يرفعه دعاة الحراك الثوري في مصر وبخاصة «التحالف الوطني لدعم الشرعية»، المؤيد للرئيس الأسبق «محمد مرسي» وجماعة «الإخوان»، هو أن الثورة ستستمر والثوار سيعودون إلي الميادين طالما أن «الثورة" لم تحقق أهدافها، ورموز النظام السابق عادوا إلي مقاعدهم مرة أخري.

ويعتبرون خروج نجلي «مبارك»، «جمال» و«علاء» من سجنهما والعودة لمنازلهم، وقول محامي أبيهم (الرئيس السابق) أن «مبارك» حر ولكنه سيبقي في المستشفي برغبته، بمثابة استفزاز ودليل في نفس الوقت علي دعوتهم للخروج للميادين مرة أخري طالما لم يحاكم قتلة الثوار والفاسدين، وبعدما عاد القمع وقتل الثوار بأبشع مما كان يجري في عهد مبارك، والتضييق علي الحريات واستمرار نفس المشاكل الاقتصادية.

تحالف الشرعية قال إنه «لا تراجع عن الثورة ولا تفاوض على الدماء أو أهداف ثورة 25 يناير ولا تنازل عن الحقوق كافةً»، ودعا المصريين إلى المشاركة فيما سماه «موجة ثورية ممتدة»، تبدأ من التظاهر يوم الجمعة 23 يناير وتستمر بالاحتشاد حتي يوم 25 يناير تحت شعار «مصر بتتكلم ثورة».

وقال التحالف، في بيان نشر على صفحته على «فيس بوك»، «عادت أيام مصر التي جعلت أعناقنا تطول السماء، ويعود معها حلم الحرية، فتقدموا في موجة ثورية ممتدة تفتح الباب للأمل والانجاز تبدأ الجمعة 23 يناير وتحتشد في الخامس والعشرين».

موجة من العنف والمظاهرات

مؤشرات العنف مع الذكري الرابعة للثورة ظهرت منذ الخميس 22 يناير/كانون الثاني وامتدت للجمعة ما يشير لأنها قد تتفاقم، مع إعلان مجموعات مجهولة وأخري تطلق علي نفسها ألقاب مثل «المقاومة الشعبية» حرق سيارات ومقار حكومية وتفجير أماكن وقطع طرق والهجوم علي رجال شرطة.

وبالمقابل استمرت السلطة في حملات اعتقال ضخمة لإجهاض مظاهرات 25 يناير، عبر اقتحام قري مشهور عنها التظاهر وجرى اعتقال العشرات منها، واستمرار اعتقال صحفيين ونشطاء أخرهم الصحفي «حسن القباني» منسق حركة صحفيون من أجل الإصلاح، فضلا عن نقل معتقلين من سجون قريبة من القاهرة إلي سجون بعيدة تخوفا من سيناريو 25 يناير 2011 عندما تم اقتحام سجون وإخراج من فيها.

أعمال العنف التي وقعت الخميس فقط شملت: حرق نقطة شرطة كامب شيزار على الكورنيش بالإسكندرية بزجاجات المولوتوف بعد تعدى الشرطة على المظاهرات السلمية، وإضرام النيران في سيارة ترحيلات شرطة بمحيط مسجد القائد إبراهيم بوسط الإسكندرية، وحرق جراج سيارات حكومية بمنطقة مصر الجديدة شرق القاهرة أسفر عن احتراق 12 سيارة، وقطع  طريق 26 يوليو الحيوي وإشعال النيران بإطارات السيارات وسكب كميات من الزيت على الطريق، مما تسبب في توقف الحركة المرورية.

وكان الشباب قد فاجئوا قوات الأمن بعشرات المظاهرة بوسط القاهرة والإسكندرية ومحافظات أخري بالتظاهر وترديد هتافات «يسقط يسقط حكم العسكر»، ووقعت بينهم وبين الشرطة اشتباكات استخدم فيها شباب ألتراس ألعاب نارية وشماريخ نارية بغزارة أطلقوها علي الشرطة التي هربت في وسط القاهرة والإسكندرية، قبل أن تحضر قوات كثيفة لفض المظاهرات.

كما وقعت عدة انفجارات من قنابل بدائية أبرزها: في محيط ‫قصر القبة بعبوة ناسفة مزروعة بجانب شجرة بجوار الباب الرئيسي على مقربة من قوة من أفراد شرطة حدائق القبة المكلفة بتأمين بوابة القصر من الخارج، عقب مسيرة حاشدة مفاجئة استعدادا ليوم ‫‏25 يناير، وأصيب ضابطان، وانفجار 4 قنابل أسفل برج ضغط كهرباء عال صباح اليوم الجمعة بالجيزة، الأمر الذي أدى إلى وقوع انفجار ضخم وسقوط البرج المغذي لمناطق الجيزة والهرم.

كما تعرض الدكتور «حازم عطية الله»، محافظ الفيوم لمحاولة اغتيال، مساء الخميس، أثناء عودته بسيارته، قال أنها تمت علي طريق القاهرة- الفيوم، حيث فوجئ بوابل من النيران من مجهولين خرجوا من زراعات مدخل قرية جرفس بمركز سنورس، وتبادلت قوات الأمن معهم إطلاق النيران، ما أسفر عن تحطيم زجاج سيارة خاص بقوات الأمن.

استعدادات أمنية

بالمقابل أكد اللواء «محمد إبراهيم» وزير الداخلية، أن وزارة الداخلية وضعت خطة للتصدي لخروج المتظاهرين للميادين، وقال أن التصدي لدعوة «التحالف» للتظاهر سيتم من خلال الدفع بـ230 ألف شرطي تم توزيعهم على المناطق الحيوية، وأشار إلى أن يوم 25 يناير سيكون مثله كأي يوم عادى آخر، وسيمر «زيه زى غيره»، مشيرًا إلى أن جماعة «الإخوان» تحاول حشد المواطنين إلا أن رجال الشرطة سيقفون بالمرصاد وسيواجهون أي محاولة للخروج علي «النظام» بكل قوة.

وقالت أجهزة الأمن أنه سيتم تسليح القوات بأسلحة متعددة لمنع أي اقتراب منها، وهذا سينطبق على المنشآت الشرطية والتي سيتم إخلاء الذخيرة منها بالكامل.

أيضا تمت الاستعانة بمجموعات قتالية لتأمين مباني مديريات الأمن والمراكز الشرطية، ووضع حوائط أسمنتية بمحيطها، وتركيب كاميرات لمراقبة الشوارع المؤدية إليها، فيما أعلنت الحكومة أنه «لن يكن هناك احتفالات بذكرى الثورة في الميادين العامة»، وذلك دون توضيح أسباب اتخاذ هذا القرار.

بالمقابل أعدت الوزارة، بحسب السفير «حسام القاويش»، المتحدث مجلس الوزراء، خطة أمنية للتعامل مع الاحتفالات خلال هذا اليوم، تشمل تأمين استاد القاهرة الذي ستُقام عليه الاحتفالات الرسمية، وأماكن أخرى بالمحافظات المختلفة.

رخصة قمع لـ«السيسي» من «دافوس»

وأثناء وجوده في «منتدي دافوس الاقتصادي» أكد الرئيس «عبدالفتاح السيسي» أنه لا يوجد حظر للتظاهر في مصر ولكن الاضطرابات تؤثر بشكل خطير على الاستقرار والأمن في البلاد، معلقا المنع علي الإرهاب بقوله: «مصر تواجه حربا ضد الإرهاب والتطرف وينبغي أن تضع المعادلة الأمنية في الحسبان التوازن بين الحرية والتظاهر والأمن والاستقرار في البلاد».

 وقال «السيسي» في حديثه لقناة «سي إن بي سي» الأمريكية: «التظاهرات في مصر غير محظورة لكن الاضطرابات تمثل خطرا كبيرا على الأمن والاستقرار في مصر.. ينبغي أن يكون هناك بعض الاستقرار والأمن»، وحظي خطابه عن تجديد الخطاب الديني بإعجاب دول أجنبية.

لذلك قال موقع «بازفيد» الأمريكي تحت عنوان: «السيسي ينال رخصة لقمع حقوق الإنسان في منتدى عالمي»، إن «السيسي» استخرج رخصة قمع من «دافوس»، وأنه مُنح منصة كبيرة أمام «دافوس» لوضع بلاده من خلالها في موضع ركيزة للاستقرار في الوقت الذي تتزايد فيه مخاوف الغرب من التطرف الإسلامي.

وأضاف أن «السيسي» الذي حظي بتصفيق مستمر من الحاضرين في نهاية حديثه، على الرغم من كونه متهما بانتهاكات لحقوق الإنسان، و«انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها نظام السيسي بحق المعارضين والصحفيين مرت مرور الكرام دون أي مسائلة له بشأنها».

وقال «بازفيد» إن «السيسي» رسم التطرف الإسلامي «بفرشاة واسعة»، حيث بدا أنه ربط بين جماعة «الإخوان المسلمين» ومنفذي الهجمات على العاصمة الفرنسية باريس مؤخرا، وإن السياسي الألماني السابق «فيليب روسلر» الذي أدار الجلسة التي تحدث خلالها السيسي في «دافوس» لم يشر بأي حال من الأحوال إلى قضية حقوق الإنسان، كما رفض رئيس الاتصالات بالمنتدى «أدريانمونك» التعليق على المصطلحات التي تضمنتها دعوة «السيسي».

أيضا علقت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية على إخلاء سبيل «علاء» و«جمال» نجلي الرئيس المخلوع «حسني مبارك»، واصفة إياه بأنه علامة جديدة على إخلاص الرئيس «عبدالفتاح السيسي» لسلفه المخلوع «حسني مبارك».

 ووصف إطلاقهما بأنه «أحدث علامة على الإخلاص الكامن لشخصيات نظام مبارك في ظل حكم السيسي» مستغربه أن يأتي هذا الحكم قبل ثلاثة أيام من الذكرى السنوية الرابعة لثورة 25 يناير التي أطاحت بـ«مبارك» من على سدة الحكم، ما يستفز الثوار ويزيد من حدة الغاضبين في هذا اليوم.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر ثورة 25 يناير السيسي براءة مبارك محمد مرسي الإخوان المسلمين محمد إبراهيم دافوس الإرهاب

الإعلام المصري بعد «25 يناير»: امتداد لعهد مبارك

«السيسي» يصل الرياض لبحث استكمال خطوات الملك الراحل «عبدالله»

«هآرتس»:مصر تنتظر ثورة ونسبة الـ96% التي فاز بها «السيسي» يخجل منها «مبارك»

استكمالا لمسلسل البراءة.. «مبارك» بانتظار إخلاء سبيله في قضية «القصور الرئاسية»

براءة المخلوع ترضية مدفوعة من «السيسي» لرعاته الخليجيين

براءة «مبارك» وأعوانه تعيد وهج الثورة وتسطر الحروف الأولى لشهادة وفاة الانقلاب

براءة مبارك إهانة للشعب المصري ودماء الشهداء ووأد للثورة المصرية وإعادة مصر لعصر الظلمات

«السيسي» بين طاغية كوريا وخليفة «الدولة الإسلامية»

في الذكرى الرابعة لـ«ثورة 25 يناير»: رموز النظام يغادرون السجون بينما يرزح الثوار داخلها!

مصر.. قتلى وجرحى في انتهاكات للجيش والشرطة ضد المتظاهرين في ذكرى ثورة 25 يناير

مصر .. مقتل وجرح عشرات المتظاهرين في ذكرى ثورة 25 يناير الرابعة

عن نصف كوب الثورة الفارغ

خليجيون يغردون تضامنا مع ثوار مصر في الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير

مجزرة جديدة للألتراس .. ونشطاء: الداخلية تواصل سيناريو الانتقام من فرقاء ثورة يناير

النظام المصري يتجاهل ذكرى وفاة الفريق «الشاذلي» الرابعة

مجزرة «الدفاع الجوي»: صدام «الألتراس» والأمن له ما بعده

الناشط «محمد سلطان»: أرفض التنازل عن جنسيتي المصرية مقابل إطلاق سراحي

مقاربة «الشعب المستهان به»

«السيسي» يحذر من التظاهر في ذكرى ثورة يناير