اتهامات التربح غير المشروع من الإمارات ودول إفريقية تطارد «توني بلير»

الثلاثاء 10 مارس 2015 09:03 ص

فيما يمكن أن نطلق عليه «فضيحة تسريبات بريطانية»، على شاكلة فضيحة التسريبات المصرية التي كشفت استغلال المؤسسة العسكرية لأموال المعونات الخليجية ووضعها في حسابات الجيش لا الشعب المصري لتنمية إمبراطورية الجيش الاقتصادية ونفوذه، ظهرت فضيحة بريطانية جديدة بطلها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق «توني بلير» الذي ضربته فضائح متوالية تتعلق بسعيه لاستغلال عمله كمبعوث دولي للسلام في التربح من الإمارات واستغلال اتصالاته في جمع الأموال.

الفضيحة الجديدة سربت تفاصيلها صحيفة «صنداي تايمز»، وموقع «ميدل إيست أي» في توقيت متقارب أمس وأول أمس، وكشفت تفاصيل عرض «بلير» خدماته علي الإمارات، وعلي أنظمة إفريقية مقابل المال، ما دعا سياسيون لمطالبته بالاستقاله من منصبه كمبعوث سلام لدى الشرق الأوسط، بسبب تضارب المصالح.

تسريبات «صنداي تايمز»

فقد كشفت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، سعي بلير للحصول على عقد بقيمة تناهز 45 مليون دولار (30 مليون جنيه إسترليني) من الإمارات العربية المتحدة، مقابل تقديم استشارات للدولة الخليجية، بما يتعارض مع عمله كمبعوث للسلام.

وقالت الصحيفة البريطانية، في تقرير بعنوان «بلير سعي لصفقة مع الامارات بـ 30 مليون إسترليني» إنها حصلت على وثيقة سرية، مؤلفة من 25 صفحة تثبت كيفية استغلال «بلير» لاتصالاته وأنشطته الخيرية من أجل تحقيق مكاسب تجارية، ولتقديم المشورة لدولة الإمارات العربية المتحدة أثناء عمله كمبعوث للسلام في الشرق الأوسط.

ووفقًا للوثيقة السرية التي حصلت عليها الصحيفة، فإن «بلير» كان يستخدم اتصالاته وأنشطته الخيرية لتحقيق مكاسب تجارية، حيث تعطي الوثيقة وعدًا لـ«بلير» باستحقا مالي، مقابل المشاركة المكثفة له مع التزام بتمضية يومين أو ثلاثة أيام كل شهر في دولة الإمارات.

وتضيف الوثيقة: «لدينا فرق بشرية على أرض الواقع تعمل مع الحكومات، في 10 بلدان أفريقية وفي 10 بلدان خارج أفريقيا، ولدينا عروض للعمل في أكثر من 10 بلدان أخرى».

وتبين الصحيفة أن فريق «توني بلير» قام بالعمل على الاتفاق مع وزارة الخارجية الإماراتية، التي يعمل معها «توني بلير» بصفته مبعوثا خاصا للشرق الأوسط، ويمثل اللجنة الرباعية، التي يعمل فيها منذ عام 2007، ولم يحقق أي إنجاز سياسي في الوقت الذي بنى فيه ثروة من خلال استشاراته المالية، وأنه عزز من نشاطات مؤسسته «فيث»، وعمله الخيري في أفريقيا.

وقد دعا مدير جمعية التفاهم العربي البريطاني (كابو)، «كريس دويل»، «بلير» إلى الاستقالة من منصبه كونه ممثلا للرباعية، وقال: «إن أراد مواصلة عمله مع الحكومات العربية وتوقيع اتفاقات معها فعليه الاستقالة من عمله كونه ممثلا للرباعية؛ لأن هناك تضاربا واضحا في المصالح».

وكان النائب المحافظ «أندرو بريجين»، قد قدم مشروع قرار في يناير 2015، يطالب فيه رئيس الوزراء السابق بالالتزام بالمبادئ التي تحكم العمل العام، وتعرف بـ«مبادئ نولان»، التي تشمل الشفافية والمسؤولية، قائلا: «يعيش الشرق الأوسط فوق نار مشتعلة، ويقوم بلير بشكل مستمر بالاستفادة ماليا منه عبر عقود، وهذا مضر بسمعة بريطانيا، ويجب عليه الاستقالة كونه مبعوثا للشرق الأوسط».

ولكن المتحدث باسم «بلير» نفي للصحيفة البريطانية أن يكون هناك تضارب في المصالح، ولكنه اعترف أن «هناك مناقشات تمت مع الإمارات العربية، لكن لم يتم توقيع عقود مع وزارة الخارجية الإماراتية، وأن الوثيقة (الفضيحة) لم يوافق عليها بلير».

وبدأت علاقة «بلير» في مجال الاستشارات المدفوعة مع الإمارات عندما سافر في عام 2007، بعد استقالته من منصب رئيس الوزراء بأربعة أسابيع، إلى أبو ظبي بصفته ممثلا للرباعية، وأقامت العائلة الحاكمة على شرفه حفل عشاء احتفاء بموقعه السياسي ودوره الجديد في الشرق الأوسط، وتظهر الوثيقة أن الشيخ «عبد الله بن زايد زبون» أحد أهم المتعاملين مع «بلير».

وتكشف الوثيقة عن قيام شركة «توني بلير وشركاه» للاستشارات بتوقيع عقد مع وزارة الخارجية الإماراتية مدته خمسة أعوام قابلة للتمديد، وقيمة العقد المقترح تتراوح ما بين 25- 35 مليون جنيه إسترليني تحصل عليه مؤسسة «توني بلير وشركاه».

ويوضح تقرير «صنداي تايمز» أن نشاطات بلير عادة ما تدار بسرية كاملة، فهي تتم عبر شركات صغيرة وشركاء، ومن هنا فالوثيقة تعد مهمة لأنها تقدم صورة عن نشاطات «بلير» وشركاته حول العالم، وتظهر استعداده لاستخدام صلاته وشبكته التي لا تنافس، بل وحتى نشاطاته الخيرية، لتحقيق أرباح مالية.

وتكشف الوثيقة الطريقة السرية التي تعمل من خلالها شركة «بلير»، فقد وضع على كل صفحة خاتم «سري»، مع تحذير أنه لا يجوز تصوير أو إعادة إنتاج الوثيقة أو أي جزء منها بأي شكل من الأشكال دون إذن أول من شركة «بلير وشركاه».

وجاء في الوثيقة أنه لا يوجد مكان عصي على عمل شركات «بلير» وأن عمليات «بلير» التجارية تتوزع الآن في 25 دولة، وفي حال أضيفت إليها عمليات مؤسسته الخيرية «فيث»، فسيصل عدد الدول إلى 50 دولة.

وتقول الوثيقة عن مشروع التعاون مع الإمارات إنه سيشمل الإشراف على المشاريع في دول أخرى مثل كولومبيا وفيتنام، وربط رجال الأعمال الإماراتيين وشركات الاستثمار الإماراتية بفرص فيما وراء البحار.

وترى الصحيفة أنه من المثير للدهشة أنه لا توجد إشارة لتحسين وضع حقوق الإنسان في الإمارات، وهو الأمر الذي انتقدته منظمة «هيومان رايتس ووتش». وحاولت الإمارات تحسين صورتها بالاعتماد على منظمة «غلوبات نيت وورك فور رايتس أند ديفلبومنت»، التي لها مقر في دبي، وتقول في تقرير لها إن الإمارات تعامل المعتقلين بحسب القانون، وفي أكتوبر 2013، نشرت هذه المنظمة مؤشرا لحقوق الإنسان العالمي، ووضعت فيه الإمارات في المرتبة 14 من ناحية احترام حقوق الإنسان، وجاءت الإمارات متفوقة على الولايات المتحدة الأمريكية!.

تسريب «ميدل إيست آي»

أما تسريب موقع «ميدل إيست آي» الذي نشرت الخليج الجديد ترجمة كاملة له ، الاثنين، فتضمن اتهامًا لـ«بلير» باستغلال اتصالاته لجمع الأموال، بلغت نحو 90 مليون دولار جراء تقديمه استشارات أثناء عمله في محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية.

وأضافت الصحيفة أن «بلير» تمكن بصفته مبعوثا خاصا من السفر بشكل مكثف إلى المنطقة، مستغلا تلك السفريات في إجراء صفقات مربحة مع حكومات المنطقة لتقديم خدمات استشارية.

وشمل عمل «بلير» الآخر مع دول الخليج عقد بقيمة 40 مليون دولار لمدة أربع سنوات نظير عمل استشاري يقدمه لأمير دولة الكويت، وصفقة لتزويد حكومة إمارة أبوظبي - أكبر إمارة في دولة الإمارات العربية المتحدة – بــ«المشورة الاستراتيجية العالمية» بتكلفة قدرها 1.5 مليون دولار في السنة.

ووفقًا للكتاب - الذي وضعه «فرانسيس بيكيت» و«ديفيد هينيك» تحت عنوان «شركة بلير»، والمقرر إصداره هذا الشهر - فإن «بلير» رتب أيضًا عقدًا سريًا في عام 2010م مع شركة النفط السعودية «بتروسعودي» لفتح خط الاتصالات مع الصين، وكان يتقاضى نظير ذلك 60 ألف دولار في الشهر، كما أنه من المفترض أن يحصل على عمولة بقيمة 2٪ على أي صفقة مُترتبة على تلك الخطوات التي قام بها.

واعتبر الموقع البريطاني أن ما كشفته «صنداي تايمز» حول سعي «بلير» للحصول من 45 مليون دولار من الإمارات يمثل الربح الأكبر الذي جمعه «بلير» المثير للجدل.

وتحمل المنظمة التي عملت كمظلة لصفقات «توني بلير» اسم Tony Blair Associates، وتأسست بغرض التنسيق بين المجموعات الاستشارية المختلفة له، وقدمت خدماتها لوزارة الخارجية الإماراتية في عقد شراكة خمس سنوات.

وأوردت الوثيقة السرية مقتطفات على لسان منظمة «توني بلير» يقول نصها: «نستطيع العمل في أي مكان في العالم، وتوفير الاتصالات الضرورية على المستويين السياسي والتجاري».

وعمل «بلير» بالشراكة مع أنظمة وجهت إليها الكثير من الانتقادات الحقوقية، حيث كشفت صحيفة «التليجراف» عرضا قدمه «بلير» لتقديم استشارات علاقات عامة للرئيس الغيني «ألفا كوندي» في أعقاب استهداف القوات الأمنية بالدولة الأفريقية لمتظاهرين مناهضين للحكومة، وقتلها تسعة أشخاص.

وفي يوليو 2014 قالت صحيفة «الجارديان» البريطانية، إن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق «توني بلير» وافق على أن يكون مستشارا للرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، كجزء من برنامج تموله الإمارات العربية المتحدة، التي وعدت بتقديم فرص استثمارية هائلة للضالعين فيه، بحسب الصحيفة.

وأضافت «الجارديان» آنذاك: «بلير، مبعوث السلام في الشرق الأوسط، والذي دعم الانقلاب ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي، سيقدم للسيسي استشارات في مجال "الإصلاح الاقتصادي"، بالتعاون مع فريق عمل إماراتي بالقاهرة، تديره المؤسسة الاستشارية التي كانت تحمل أسم Booz and Co، وباتت جزءا من مؤسسة برايس ووتر هاوس كوبرز».

وقال «بلير» أيضًا إنه سعيد لمساعدة الرئيس «عبدالفتاح السيسي» في مصر، على الرغم من أنه نفي العمل كمستشار رسمي لحكومة «السيسي» التي قامت بانقلاب على سلطة منتخبة واستولت على الحكم في عام 2013م.

وادعى تسريب مزعوم ظهر الأسبوع الماضي تنسيقًا مبين سئولين مصريين لزيارة يقوم بها وفد إماراتي على علاقة مع «توني بلير»، ويشير تسريب مزعوم – بدا أنه سُجّل في مطلع عام 2014م – أن «بلير» ومسؤولين إماراتيين تحدثوا مع سياسيين مصريين رفيعي المستوى؛ بما في ذلك الرئيس ورئيس المخابرات ووزير الخارجية في «لقاءات غير رسمية».

  كلمات مفتاحية

توني بلير الإمارات السيسي

اتهامات لـ«توني بلير» بالسعي لعقد إماراتي بـ45 مليون دولار خلال عمله مبعوثا للسلام

«توني بلير» عمل كوسيط لشركة نفط سعودية مقابل 41 ألف جنيه استرليني شهريا

بلير يجسد الفساد والحرب.. يجب فصله من عمله

فاينيشيال تايمز: توني بلير وسيط بين الإمارات والعالم

«فاينانشيال تايمز»: «بلير» سيتخلي عن منصبه كمبعوث للسلام في الشرق الأوسط

«صنداي تليغراف»: علاقات وثيقة بين «بلير» و«بن زايد» أساسها «كره الإخوان»

«رأي اليوم» تحذر من ”خدمات“ «بلير» في «عاصفة الحزم»: وجوده نذير شؤم

«بلير» يستقيل من منصبه كممثل للرباعية الدولية لعميلة السلام في الشرق الأوسط

«ديلي تلغراف»: «بلير» يتخذ من أبوظبي عاصمة لتضارب المصالح

«أكسفورد أنالتيكا»: الاستثمارات الأمنية والاقتصادية للإمارات بأفريقيا صارت مهددة

«محمد بن زايد» يستقبل مجلس «جيه بي مورغان» الدولي برئاسة «توني بلير»

«ديلي تليغراف»: «توني بلير» طلب 35 مليون دولار للعمل في بناء النفوذ الإماراتي

«تليغراف»: الإمارات مولت سرا مهام «بلير» في الشرق الأوسط