نصرة للمسجد الأقصى في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية الأخيرة، استمر الغضب الفلسطيني، اليوم الخميس، في الضفة الغربية والقدس، وامتد للمرة الأولى إلى تل أبيب، والحصيلة: شهيدان فلسطينيان، وأكثر من 130 مصابا، و3 عمليات طعن لإسرائيليين، واشتباكات مع قوات الاحتلال في مناطق متفرقة بالضفة.
وكانت الأجواء، اليوم، شبيهة بتلك التي فجرت انتفاضتين سابقتين ضد الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما أكده «محمود الزهار»، القيادي في حركة «حماس»، الذي لم يستبعد ّتحول مواجهات الفلسطينيين ضد الاحتلال في الضفة الغربية إلى «انتفاضة» ثالثة.
وفي سياق ردود الفعل الرسمية، قالت الحكومة الفلسطينية إنها تؤيد ما وصفته بـ«الهبة الشعبية السلمية» في الأراضي الفلسطينية، وجدد الرئيس، «محمود عباس» دعوته للشعب الفلسطيني برفض «الانجرار إلى العنف والقوة»، بينما دعا رئيس بلدية القدس الإسرائيليين الذين يمتلكون تراخيص أسلحة إلى حمل أسلحتهم، وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، «بنيامين نتنياهو»، أنه منع وزراء حكومته ونواب الكنيست من زيارة حرم المسجد الأقصى.
عمليات الطعن تمتد لتل أبيب
وبعد سلسلة عمليات طعن بحق إسرائيليين نفذها فلسطينيون خلال الأيام القليلة الماضية، كان الجديد اليوم هو امتداد عمليات الطعن إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1984؛ إذ قالت الشرطة الإسرائيلية إن أربعة أشخاص بينهم جندية إسرائيلية تعرضوا للطعن وأصيبوا بجروح «طفيفة» قرب منشأة عسكرية في تل أبيب، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.
وقالت متحدثة باسم الشرطة إن جنديا آخر قتل المهاجم، وهو فلسطيني، بالرصاص أثناء محاولته الهرب.
وعقب هجوم تل أبيب بفترة قصيرة، طعن فلسطيني رجلا في مستوطنة كريات أربع في الضفة الغربية المحتلة، حسب مسؤول في خدمة الإسعاف الإسرائيلية، وتمكن المهاجم من الهرب.
وقبل ذلك بساعات طعن فلسطيني طالبا في معهد ديني يهودي فأصابه في شارع رئيسي بالقدس.
وقالت الشرطة الإسرائيلية إنها ألقت القبض على المهاجم في موقع الهجوم.
وقتل أربعة إسرائيليين في حوادث طعن بالقدس وإطلاق نار من سيارة في الضفة الغربية المحتلة خلال الأسبوع المنصرم.
واندلع الغضب الفلسطيني بسبب إصرار يهود متشددين على مواصلة اقتحام ساحات المسجد الأقصى، تحت حراسة شرطة الاحتلال.
رئيس بلدية القدس يدعو لحمل السلاح
وأثارت هذه الهجمات الفردية قلق سلطات الاحتلال ومخاوف المستوطنين الإسرائيليين؛ حيث دعا رئيس بلدية القدس، «نير بركات»، اليوم، الإسرائيليين الذين لديهم تراخيص أسلحة إلى حمل أسلحتهم، وتعهد مسؤولون في دولة الاحتلال بـ«سحق» العنف رغم أنهم يبدون في حيرة بشأن كيفية عمل ذلك.
ومع تصاعد الغضب الفلسطيني حولت دولة الاحتلال انتباهها إلى مواقع التواصل الاجتماعي أيضا؛ حيث طلبت من موقعي «فيسبوك» و«يوتيوب» إزالة مقاطع فيديو تقول إنها تشجع الفلسطينيين على شن هجمات.
من جانبه، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، «بنيامين نتنياهو»، أنه منع وزراء حكومته ونواب الكنيست من زيارة حرم المسجد الأقصى، في خطوة على ما يبدو لتهدئة غضب الفلسطينيين.
وكان « نتنياهو» أعلن، الإثنين الماضي، أن حكومته قررت تعزيز قواتها في الضفة الغربية والقدس، وستسمح لقوات الأمن بالعمل الحازم ضد «راشقي الحجارة وملقي الزجاجات الحارقة».
شهيد و130 جريحا في مواجهات مع الاحتلال
وبخلاف عمليات الطعن، كانت الضفة الغربية المحتلة مسرحا كبيرا للاحتجاجات، اليوم؛ حيث شهدت مناطق متفرقة منها مواجهات بين فلسطينيين غاضبين وقوات الاحتلال؛ ما أسفر عن إصابة العشرات من المحتجين، وسقوط شهيد جديد.
وقال مراسل وكالة «الأناضول» إن مواجهات عنيفة، اندلعت على مدخل مدينة رام الله الشمالي، القريب من مستوطنة «بيت ايل»، عقب مسيرة نظمها طلبة من جامعة بيرزيت (قريبة من رام الله)، استخدم خلالها جيش الاحتلال الرصاص الحي والمطاطي، وقنابل الغاز المسيل للدموع، والمياه العادمة.
وفي الخليل (جنوب الضفة الغربية)، اندلعت مواجهات على مدخلها الشمالي، عقب مسيرة لطلبة من جامعة الخليل، استخدم خلالها الجيش الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع.
كما اندلعت مواجهات أخرى غربي مدينة طولكرم (شمال) بين عشرات الشبان وقوات الاحتلال.
وأعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، في بيان، أن إجمالي عدد الإصابات في الضفة الغربية منذ ساعات صباح اليوم وحتى المساء بلغ 130 مصابا، موضحة أن عدد المصابين بالرصاص الحي بلغ 11 مصابا، فيما أصيب 59 بالرصاص المطاطي، و89 بالاختناق جراء الغاز المسيل للدموع.
ولاحقا، قال مدير قسم الطوارئ في مجمع رام الله الطبي (حكومي)، «سمير صليبا»، لـ«الأناضول» إن الشاب «وسام فرج» (18 عاما)، استشهد متأثرا بإصابته برصاص حي في القلب» أطلقه عليه جنود الاحتلال أثناء اقتحامهم مخيم شعفاط، شرقي القدس.
وقال شهود عيان إن مواجهات عنيفة اندلعت بين شبان وقوة عسكرية إسرائيلية، في مخيم شعفاط، استخدم خلالها جيش الاحتلال، الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى إصابة العشرات بجراح وحالات اختناق، منهم الشاب «وسام فرج».
فيما رشق الشبان القوات بالحجارة والعبوات الفارغة.
وبسقوط شهيدين فلسطينيين، اليوم، ارتفع عدد الشهداء الذين سقطوا برصاص إسرائيلي في الضفة الغربية، منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إلى سبعة شهداء، منهم أربعة، بعد تنفيذهم عمليات طعن ضد إسرائيليين، وثلاثة في مواجهات مع قوات الاحتلال.
وفي تطور آخر يعد مؤشرا على تصاعد الغضب الشعبي من كلا الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، أصيب وزير فلسطيني بجراح، إثر تعرض مركبته للرشق بالحجارة، اليوم، من قبل مستوطنين إسرائيليين، قرب مدينة نابلس، شمالي الضفة.
وقالت الحكومة الفلسطينية، في بيان، إن وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات «علام موسى»، أصيب بجراح، لم توضح طبيعتها؛ إثر تعرض مركبته للرشق بالحجارة خلال عودته من رام الله إلى منزله في نابلس.
الحكومة الفلسطينية: ندعم الهبة الجماهيرية السلمية
على الجانب الفلسطيني الرسمي، أعلنت الحكومة الفلسطينية، أنها تدعم ما أسمته "الهبة الجماهيرية الشعبية السلمية"، الحاصلة في الضفة الغربية.
وقالت في بيان صدر عنها عقب اجتماع طارئ عقدته، اليوم، في رام الله، برئاسة «رامي الحمد الله»: «نؤكد على دعم الحكومة الفلسطينية للهبة الشعبية السلمية، وعلى حق شعبنا في الدفاع عن أرضه ومقدساته، وحقه المشروع في المقاومة بكافة الوسائل التي أقرتها الشرعية الدولية».
وحمّلت الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن «التصعيد والجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال وعصابات المستوطنين، باقتحام المناطق الفلسطينية، وإغلاق الطرق ومنع الحركة خارج حدود المدن والقرى (...) وهدم المنازل والعقوبات الجماعية».
من جانبه، جدد الرئيس الفلسطيني، «محمود عباس»، دعوته للشعب الفلسطيني برفض «الانجرار إلى العنف والقوة»، في مواجهة دولة الاحتلال.
وقال في كلمة له خلال افتتاح شركة خاصة، اليوم الخميس في مدينة رام الله: «نحن لن ننجر إلى مربعهم (دولة الاحتلال)، ولن نستعمل العنف ولا القوة، نحن مؤمنون بالسلام وبالمقاومة الشعبية السلمية، فهي حقنا ويجب أن نستمر فيها ما دام هناك عدوان».
وأضاف: «نحن لا نعتدي على أحد، ولكن لا نريدهم (الإسرائيليين) أيضا أن يعتدوا علينا، نريدهم أيضا ألا يدخلوا المسجد الأقصى المبارك».
«الزهار»: المواجهات قد تتطور إلى «انتفاضة»
وعلى صعيد فصائل المقاومة الفلسطينية ، قال «محمود الزهار»، القيادي في حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، إنّ مواجهات الفلسطينيين في الضفة الغربية، مع جيش الاحتلال، قد تتصاعد وتتطور إلى «انتفاضة»، حسب وكالة «الأناضول».
وأضاف «الزهار»، في كلمة له خلال ندوة سياسية نظمها «معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية»، في غزة (غير حكومي)، مساء اليوم، إن «الفرصة لحدوث انتفاضة فلسطينية جديدة متوفرة في الوقت الراهن».
وتابع: «هناك فرصة شعبية، للقيام بانتفاضة، لكن الأمر الذي قد يحول دون ذلك، هو استمرار التنسيق الأمني بين أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية».