اعتبر رئيس الوزراء اللبناني الأسبق «سعد الحريري»، أمس الجمعة، لأن قرار السعودية، قطع مساعدات بمليارات الدولارات عن بلاده، نتاج لما «يجنيه لبنان من السياسات الرعناء».
ونقل موقع «سي إن إن بالعربية» الأمريكي، عن «الحريري»، قوله في بيان: «تلقى اللبنانيون بمشاعر الأسف والقلق، قرار السعودية، وقف المساعدات المقررة للجيش اللبناني والقوى الأمنية، في خطوة غير مسبوقة من المملكة، ردا على قرارات متهورة بخروج لبنان على الإجماع العربي، وتوظيف السياسة الخارجية للدولة اللبنانية في خدمة محاور إقليمية، على صورة ما جرى مؤخرا في الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب واجتماع الدول الإسلامية».
وأضاف: «لبنان لا يمكن أن يجني من تلك السياسات، التي أقل ما يمكن أن يقال فيها إنها رعناء، سوى ما نشهده من إجراءات وتدابير تهدد في الصميم مصالح مئات آلاف اللبنانيين، الذين ينتشرون في مختلف البلدان العربية، ويشكلون طاقة اقتصادية واجتماعية، يريد البعض تدميرها، تنفيذا لأمر عمليات خارجي».
وأكد أن «السعودية، وإلى جانبها كل دول الخليج العربي، لم تتأخر عن دعم لبنان ونجدته في أصعب الظروف، والتاريخ القريب والبعيد يشهد على ذلك في كل المجالات والقطاعات، فيما ينبري حزب الله وأدواته في السياسة والإعلام، لشن أقذع الحملات ضدها».
وقال «الحريري» إن «كرامة المملكة وقيادتها هي من كرامة اللبنانيين الشرفاء، الذين لن يسكتوا على جريمة تعريض مصالح لبنان واللبنانيين للخطر، وإذا كان هناك من يفترض أن لبنان يمكن أن يتحول في غفلة من الزمن، إلى ولاية إيرانية فهو واهم، بل هو يتلاعب في مصير البلاد، ويتخذ قرارا بجر نفسه والآخرين إلى الهاوية».
وأضاف: «إننا مع تفهمنا التام لقرار المملكة العربية السعودية، وإدراكنا لحجم الألم الذي وقع على الأشقاء السعوديين، عندما استنسب وزير الخارجية، أن يتخذ قرارا يجافي المصلحة اللبنانية والإجماع العربي، نتطلع إلى قيادة المملكة لأن تنظر إلى ما يعانيه لبنان بعين الأخ الكبير.. ونحن على يقين، أنها، وكما ورد في البيان الصادر عن مصدر مسؤول، لن تتخلى عن شعب لبنان مهما تعاظمت التحديات واشتدت الظروف».
وكانت السعودية، قررت أمس الجمعة، إيقاف مساعداتها للبنان، والتي تقدر بنحو أربعة مليارات دولار، متمثلة في ثلاثة مليارات دولار لتسليح الجيش في صفقة مع فرنسا، ومليار دولار مقررة لقوى الأمن الداخلي، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السعودية «واس».
وقال مصدر إن السعودية دأبت وعبر تاريخها على تقديم الدعم والمساندة للدول العربية والإسلامية، وكان للجمهورية اللبنانية نصيب وافر من هذا الدعم والمساندة، فقد وقفت المملكة إلى جانب لبنان في كافة المراحل الصعبة التي مر بها وساندته دون تفريق بين طوائفه وفئاته، وهو أمر يعرفه جميع اللبنانيين، ولسنا بحاجة إلى التدليل عليه، وكان آخر ذلك ما أعلنته من دعم للجيش اللبناني وقوات الأمن الداخلي حرصاً منها على ما يحقق أمن لبنان الشقيق واستقراره ويحافظ على سيادته، وعلى رغم هذه المواقف المشرفة، فإن السعودية تقابل بمواقف لبنانية مناهضه لها على المنابر العربية والإقليمية والدولية في ظل مصادرة ما يسمى «حزب الله» اللبناني لإرادة الدولة، كما حصل في مجلس جامعة الدول العربية وفي منظمة التعاون الإسلامي من عدم إدانة للاعتداءات السافرة على سفارة المملكة في طهران والقنصلية العامة في مشهد التي تتنافى مع القوانين الدولية والأعراف الدبلوماسية، والتي حظيت بتنديد من دول العالم كافة، ومن مجلس الأمن الدولي والمنظمات الدولية الأخرى، فضلاً عن المواقف السياسية والإعلامية التي يقودها ما يسمى «حزب الله» في لبنان ضد السعودية، وما يمارسه من إرهاب في حق الأمة العربية والإسلامية.
وأفاد المصدر أن المملكة ترى أن هذه المواقف مؤسفة وغير مبررة ولا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين، ولا تراعي مصالحهما وتتجاهل كل المواقف التاريخية للمملكة الداعمة للبنان خلال الأزمات التي واجهته اقتصادياً وسياسياً.
وأضاف المصدر المسؤول بأنه في ظل هذه الحقائق فإن «المملكة قامت بمراجعة شاملة لعلاقاتها مع الجمهورية اللبنانية بما يتناسب مع هذه المواقف ويحمي مصالح المملكة، واتخذت قرارات منها، إيقاف المساعدات المقررة من المملكة لتسليح الجيش اللبناني من طريق الجمهورية الفرنسية وقدرها ثلاثة مليارات دولار، وإيقاف ما تبقى من مساعدة المملكة المقررة بمليار دولار المخصصة لقوى الأمن الداخلي اللبناني».
وأضاف المصدر أن السعودية وقد عملت كل ما في وسعها للحيلولة دون وصول الأمور إلى ما وصلت إليه، لتؤكد في الوقت ذاته وقوفها إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق وطوائفه كافة، وأنها لن تتخلى عنه وستستمر في مؤازرته، وهي على يقين أن هذه المواقف لا تمثل الشعب اللبناني الشقيق.
وكان رئيس مجلس الوزراء اللبناني »تمام سلام»، قال «إننا ننظر إلى هذه الخطوة باعتبارها أولا وأخيرا شأنا سياديا تقرره المملكة العربية السعودية وفق ما تراه مناسبا، على رغم أننا ما كنا نريد أن تصل الأمور إلى ما يخالف طبيعة العلاقات التاريخية بين لبنان وبلاد الحرمين، التي نحرص على إبقائها علاقات أخوة وصداقة ومصالح مشتركة، ونسعى دائما لتنزيهها عن الشوائب».
وتابع أن «لبنان، العربي الهوية والانتماء، حريص أشد الحرص على علاقاته الأخوية مع أشقائه العرب وخصوصاً مع المملكة العربية السعودية. ونحن نعتبر أن أي ضيم يصيب إخواننا في المملكة أو في باقي أنحاء الخليج العربي إنما يصيبنا في الصميم».
وختم قائلاً «إننا، إذ نعبر عن أسمى آيات التقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وإخوانه في القيادة السعودية وأبناء الشعب السعودي الكريم، نتمنى إعادة النظر بالقرار الخاص بوقف المساعدات عن جيشنا وقواتنا الأمنية».