«ن.تايمز»: الميليشيات المدعومة من إيران تستهدف أهل الفلوجة بالقتل والتجويع

الأربعاء 27 أبريل 2016 07:04 ص

تواصل القوات العراقية المدعومة بالضربات الجوية الأمريكية والمستشارين الأمريكيين خطواتها في محافظة الأنبار، حيث تقوم ببطء باستعادة الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم «الدولة الإسلامية».

في الفلوجة، إحدى مدن محافظة الأنبار السنية التي خضعت لسيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» لفترة أطول من أي مدينة أخرى في العراق أو سوريا، فإن المدنيين يتضورون جوعا بسبب الحصار الذي يفرضه الجيش والميليشيات الشيعية التي تحاصر المدينة. وفي أماكن أخرى في المحافظة، فإن الميليشيات الشيعية التي تدعمها إيران تواصل تنفيذ عمليات الخطف والقتل وتقييد حركة المدنيين من العرب السنة، وفقا لمسؤولين أمريكيين وعراقيين.

بالنسبة للمراقبين المخضرمين المعاصرين للتدخل العسكري الأمريكي في العراق، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 25 عاما مع بداية حرب الخليج، فإن ذلك يعد نمطا معتادا. مكاسب ساحة المعركة لا تجلب الاستقرار في أعقابها.

«لسوء الحظ، وفيما يبدو أنه علامة تجارية للتورط الأمريكي في العراق على الأقل منذ عام 2003، (وربما منذ عام 1991)، فإن النجاح العسكري لا يكون مقرونا مع الجهود السياسية والاقتصادية المسئولة في نهاية المطاف عن تحويل النجاحات الميدانية إلى منجزات دائمة»، وفقا لما كتبه «كينيث بولاك»، وهو زميل بارز في معهد «بروكينغز» ومحلل مختص في شؤون العراق.

وهناك عدد متزايد من النقاد يحذرون من أن الانتصارات العسكرية المدعومة من الولايات المتحدة في حاجة أن يتم تعزيزها دوما عبر مصالحة سياسية بين بالعرب السنة والشيعة، (وهو شيء تعمل إيران جاهدة على منعه)، وعبر جهود حثيثة لإعادة بناء المدن كي يتمكن المدنيون من العودة. في الأنبار، يبدو الوضع قاتما: الميليشيات الشيعية جعلت العداوات الطائفية أكثر سوءا، وهناك مئات الآلاف من المدنيين لم يتمكنوا من العودة إلى ديارهم.

وعلى نطاق أوسع، وفق ما يؤكده مسؤولون ومحللون، أصبح من الواضح أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة وإيران على حد سواء ترغبان في هزيمة «الدولة الإسلامية» في العراق، إلا أنهما غير قادرتين على العمل معا لتعزيز الوحدة في البلاد حتى بعد التوصل إلى اتفاق الماضي العام بشأن برنامج إيران النووي، حيث كان كثيرون يأملون أن هذا الاتفاق سوف يؤدي إلى تعاون وثيق بينهما.

لا يوجد مكان تتجلى فيه هذه الدينامية بشكل أكثر وضوحا مما يبدو عليه الحال في الأنبار وهي منطقة صحراوية شاسعة في غرب العراق، والتي ظلت لسنوات طويلة موطنا لتنظيم «الدولة الإسلامية» وسلفه تنظيم القاعدة في العراق، وحيث قتل مئات من جنود ومشاة البحرية الأمريكية منذ الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003.

الحصار الإيراني

وفي الوقت الذي تدعم فيه الولايات المتحدة الجيش العراقي وبعض المقاتلين القبليين المحليين في محاربة «الدولة الإسلامية»، فإن إيران تواصل بهدوء السعي إلى تحقيق أهدافها في المحافظة. إنها تريد تأمين الطريق البري إلى سوريا حيث يقع حلفاؤها رئيس النظام السوري «بشار الأسد» وحزب الله، الحركة الشيعية اللبنانية. كما أنها تسعى من خلال زيادة نفوذها في المحافظة إلى حماية بغداد والجنوب العراقي الذي يهيمن عليه الشيعة.

وقد صار الوضع في الأنبار مشوشا بشكل متزايد مع تكثيف إدارة «أوباما» دعمها العسكري للعراق، حيث أعلنت الإدارة الأمريكية أنها سوف تقوم بنشر طائرات الأباتشي ووضع مزيد من القوات على الخطوط الأمامية. وتوصف الانتصارات في الأنبار على أنها خطوة مهمة نحو تحرير البلاد من «الدولة الإسلامية» على أنها تمهيد لحملة ربما تجري هذا العام، لاستعادة السيطرة على الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق.

ولكن وكلاء إيران يحجمون الجهود المبذولة لأجل توحيد السكان المدنيين، والتي تعد ضرورية جدا إذا كان العراق يريد في نهاية المطاف إطفاء جذوة التطرف. في حصار الفلوجة، المدينة السنية، منعت الميليشيات الشيعية المدنيين من مغادرة الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم «الدولة الإسلامية» حيث وقفت ضد دعوات السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المدينة. ويعاني المدنيون من العرب السنة في المحافظة من تزايد عمليات الخطف والقتل من قبل الميليشيات، وهي دعاوى يؤكد مصداقيتها بعض المسؤولين الأمريكيين والعراقيين.

في بعض الحالات، بعد أن يختفي أحد المدنيين، فإن أسرته تتلقى مطالب بدفع فدية. ويقول «أبو عبد الرحمن»، وهو من سكان عامرية الفلوجة، وهي مدينة في محافظة الأنبار تقع تحت سيطرة الحكومة، أن ثلاثة من أبناء عمومته اختفوا العام الماضي بعد أن تم توقيفهم عند نقطة تفتيش تابعة للميليشيات.

وأضاف بالقول: «لم نسمع عنهم شيئا منذ ذلك الحين» على الرغم من أن رجلا اتصل بالعائلة وطلب فدية قدرها 8000 دولار وتم دفعها. إلا أنه اختفى بعد أن حصل على المال.

تبدو الأحوال غاية في السوء في مدينة الفلوجة بالنسبة إلى عشرات الآلاف من المدنيين المحاصرين هناك. تقول تقارير لناشطين أن هناك عشرات لقوا حتفهم بسبب الجوع. ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير حيث ارتفع سعر كيس الدقيق الذي يبلغ ثمنه في بغداد حوالي 15 دولارا إلى 750 دولارا، وفق ما تؤكده «هيومن رايتس ووتش».

وقد حذرت «هيومن رايتس» مؤخرا من نتائج كارثية على المدنيين في حال لم تصل المساعدات إلى المدينة في أسرع وقت ممكن. وصرح «ليز غراندي»، منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في العراق، في بيان صدر عنه مؤخرا بالقول: «إننا قلقون للغاية بشأن الأوضاع في الفلوجة». هناك أيضا تقارير تشير إلى نقص واسع النطاق في المواد الغذائية والأدوية.

وسبق أن أكد «هادي العامري»، قائد منظمة بدر، وهي ميليشيا مدعومة من إيران، في مقابلة هذا العام أن حصار الفلوجة هو ضرورة عسكرية من أجل تطويق المدينة وقطع الإمدادات.

وردا على سؤال حول طلب الأمم المتحدة وجماعات أخرى فتح ممر لإرسال المواد الغذائية إلى المدينة، رد بالقول: «إعطاء الطعام إلى من .. إلى داعش».

داخل الفلوجة، هناك بعض المدنين الذين كان يفضلون «الدولة الإسلامية» بالمقارنة بالحكومة في بغداد يقولون الآن إنهم يتمنون سقوط المدينة. لكنهم يقولون إنهم أصبحوا محاصرين بين «الدولة الإسلامية» التي أصبحت أكثر وحشية تجاه المدنيين مع الحصار، وبين الحكومة والميليشيات.

«الوضع داخل الفلوجة صار أكثر صعوبة بسبب الحصار الذي تفرضه قوات الأمن من خارج المدينة وتنظيم الدولة الذي يرفض خروج المدنيين من الداخل»، وفقا لما قاله «أحمد محمد» أحد سكان المدينة عبر اتصل هاتفي.

تستقبل المدينة إشارات متقطعة للهاتف المحمول، كما أن التحدث في الهاتف صار تهمة تعرض صاحبها لخطر الاعتقال. «لقد أصبح من الصعب جدا بالنسبة لنا أن نستخدم هواتفنا النقالة  لأن الدولة الإسلامية سوف تظن أننا نتحدث إلى الحكومة». وفقا لـ«قيس الجملي» الذي تواصلنا معه الأسبوع الماضي. والذي أضاف: «لذلك فإننا حذرون للغاية .. نحن لا نعرف ما سيؤول إليه مصيرنا أو مصير عائلاتنا».

  كلمات مفتاحية

العراق إيران الدولة الإسلامية الفلوجة الميليشيات الشيعية الولايات المتحدة الأنبار المساعدات الإنسانية

الأمم المتحدة: الوضع الغذائي في الفلوجة العراقية مقلق للغاية

‏«رايتس ووتش»: سكان الفلوجة المحاصرة يتضورون جوعا

الفلوجة تستغيث بزعماء الخليج: «أم المساجد» تموت جوعا

«كبار العلماء» في السعودية تناشد المسلمين إنقاذ المدنيين بالفلوجة من الموت جوعا

السفير السعودي لدى العراق: ما يحدث في الفلوجة نتيجة التهميش والتشرذم

«الفلوجة تقتل جوعا».. فهل من مجيب؟

مليون دولار إغاثة قطرية للفلوجة المحاصرة

«علماء باكستان»: المخططات الإيرانية باتت مكشوفة ويجب على الأمة التصدي لها

برلمانية عراقية: وثقنا وفاة 200 شخص جوعا في الفلوجة

احتكار المآسي في أولمبياد الضحايا العرب

«علماء المسلمين» بالعراق: تهديدات ميلشيات الحشد للفلوجة تهدف لتغيير تركيبتها السكانية

مصادر: واشنطن طالبت «الحشد الشعبي» بعدم التوغل في الفلوجة

نشطاء «تويتر» يستنكرون: مليشيات إيران تتوعد الفلوجة

الجيش العراقي يدعو أهالي الفلوجة إلى الاستعداد لمغادرتها قبل اقتحامها

«العبادي» يطلق شارة بدء معركة الفلوجة.. والميلشيات الشيعية تعلنها انتقاما لـ«نمر النمر»

بغداد تعلن مقتل مساعد القائد العسكري لـ«الدولة الإسلامية» في الفلوجة