«العفو الدولية»: الفارون من الفلوجة بين إرهاب «الدولة الإسلامية» وانتقام «الحشد الشعبي»

الجمعة 3 يونيو 2016 12:06 م

قالت منظمة العفو الدولية، إن ثمة روايات مروعة يرويها أهالي مدينة الفلوجة العراقية، الذين تمكنوا خلال الأيام الأخيرة من الفرار من المدينة، التي تخضع لسيطرة الجماعة المسلحة التي تُطلق على نفسها اسم تنظيم «الدولة الإسلامية»، وترسم هذه الروايات صورة مخيفةً لمدنيين يتضورون جوعا ويعيشون في خوف دائم تحت نيران القصف.

وقالت الباحثة ديانا الطحاوي، في تقرير نشره الموقع الرسمي للمنظمة، إنه «منذ بداية الهجوم العسكري الذي شنته القوات العراقية لاستعادة مدينة الفلوجة، يوم 23 مايو/أيار 2016، تعالت أصوات عدَّة، من بينها الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية ومنظمات معنية بحقوق الإنسان، مناشدةً بالحفاظ على أرواح وسلامة ما يقرب من 50 ألف مدني ما زالوا يعيشون بين شقي الرحى في المدينة المُحاصرة».

ووفق التقرير، «لما كان مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية يمنعون استخدام الهواتف والإنترنت ويقمعون بوحشية أي شكل من أشكال المعارضة وجميع سُبل الاتصال بالعالم الخارجي، فقد أصبح من المستحيل تقدير مدى معاناة المدنيين في الفلوجة على وجه الدقة».

إلا إن أهالي المدنية الذين تمكنوا من الفرار قصوا على مندوبي منظمة العفو الدولية، وفق التقرير، روايات مؤلمة عن المخاطر التي يمكن أن يواجهها الفارون، ومن بينها الوقوع في أسر مقاتلي «الدولة الإسلامية»ومن ثم الإعدام في الحال، والطرق الوعرة التي تنتشر فيها الألغام وغيرها من مخلفات الحرب من المواد المتفجرة، بالإضافة إلى خطر الاعتقال وغيره من الهجمات الانتقامية على أيدي وحدات الحشد الشعبي التي تدعمها الحكومة العراقية ( ميليشيات أغلب أفرادها من الشيعة).

وبحسب التقرير، فإنه من بين الذين تحدثوا مع منظمة العفو الدولية واحدة من سكان ضواحي الفلوجة، تمكنت من الفرار ووصلت إلى مخيم للنازحين داخلياً في مدينة عامرية الفلوجة، يوم 24 مايو/أيار 2016، وقد وصفت الوضع البائس داخل المدنية، التي ترزح تحت الحصار منذ عدة شهور، قائلتاً:

وقالت السيدة: «لا يوجد أي شيء في الفلوجة: لا طعام ولا خدمات صحية ولا كهرباء ولا غاز... كنا نحضرُ المياه من ضفة النهر؛ ونُخرجُ حبات البلح المخزونة منذ خمس سنوات لكي نطعم أطفالنا... كنا نعيش تحت قصف شديد... ماتت ابنة أختي من جراء القصف قبل ستة شهور، كما مات اثنان آخران من أقاربي... ومنذ أن وصلت هنا، علمت أن اثنين آخرين من أبناء عمومتي قد قُتلا».

ووفق التقرير ذاته، «يحتمل أن يكون بعض أهالي الفلوجة الآخرين قد أحجموا عن مغادرة المدينة خوفا من التعرض للانتقام والعقاب على أيدي الميليشيات بسبب الظن بأنهم يؤيدون تنظيم »الدولة الإسلامية».

ففي فيديو انتشر بشكل واسع على الإنترنت عشية عملية استعادة الفلوجة، دعا «أوس الخفاجي»، قائد ميليشيا «أبو الفضل العباس»، وهي إحدى فصائل وحدات الحشد الشعبي، إلى «تطهير» مدينة الفلوجة، التي وصفها بأنها منبع «الإرهاب». ومن الضروري أن تسهِّل السلطات العراقية خروج المدنيين الراغبين في المغادرة من الفلوجة بشكل آمن، وأن تمنع أية هجمات انتقامية.

وقال بعض الأهالي الذي فروا من الفلوجة لمنظمة العفو الدولية إن جميع الرجال اعتُقلوا في بادئ الأمر، وكان ذلك على ما يبدو لفحصهم أمنياً واستجوابهم.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن حوالي 800 شخص قد فروا من المدينة وضواحيها منذ 22 مايو/أيار 2016.

ومع استمرار فرار السكان، فمن المرجح أن نسمع مزيداً من الروايات المروِّعة خلال الأيام القادمة. وكل أملنا أن يُتاح لهؤلاء السكان الخروج بشكل آمن من المدينة، وأن يكون بوسعهم العودة إلى بيوتهم وعائلاتهم يوماً ما.

أما هؤلاء الذين مازالوا محاصرين داخل الفلوجة، فيجب أن تُوفر لهم مساعدات إنسانية فوراً، بما يكفل ألا يموت أحدٌ من الجوع في المدينة.

وأمس الخميس، كشف رئيس البرلمان العراقي، «سليم الجبوري»، عن «انتهاكات» ارتكبها أفراد من قوات الشرطة الاتحادية ضد مدنيين في مدينة الفلوجة، غربي العراق، داعيا رئيس الوزراء، «حيدر العبادي»، إلى معالجتها بـ«حزم»، فيما نفت «قيادة العمليات المشتركة»، التابعة للجيش العراقي، حدوثها.

وقال «الجبوري»، في بيان، إنه «يجب الحفاظ على حياة المدنيين، ومسار الجانب الإنساني، وتهيئة الممرات الآمنة بالسرعة الممكنة، وتحييد المدنيين من نيران المعركة بالفلوجة».

وأضاف: «هناك معلومات تشير إلى بعض التجاوزات التي ارتكبها أفراد في جهاز الشرطة الاتحادية وبعض المتطوعين (لم يحدد هويتهم)، أدت إلى انتهاكات بحق مدنيين»، معتبرا أن «هذه الأفعال تسيء إلى التضحيات، التي يقدمها هذا الجهاز وجميع القوات المقاتلة» في معركة الفلوجة.

وحث «الجبوري»، «العبادي»، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، على «تعقب هذه الممارسات ومعالجتها بحزم وسرعة؛ تلافيا لتداعياتها، وحفاظا على الانتصارات المتحققة لقواتنا البطلة»، وفقاً لتعبيره.

ولم يوضح رئيس البرلمان العراقي، طبيعة الانتهاكات التي تحدث عنها، لكن نازحين تمكنوا من مغادرة محيط الفلوجة، مؤخرا، قالوا إنهم تعرضوا «لانتهاكات لا حصر لها» على يد مليشيات «الحشد الشعبي» الشيعية، المشاركة في عملية استعادة الفلوجة من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية، منها التعذيب والإهانة والشتم.

وبدأت القوات العراقية، في 23 مايو/أيار الماضي، عملية عسكرية لاستعادة السيطرة على مدينة الفلوجة من قبضة تنظيم «الدولة الإسلامية»، لكنها لا تزال تواجه مقاومة عنيفة من مسلحي التنظيم، حسب قادة عسكريين عراقيين.

وتقع الفلوجة على بعد نحو 50 كيلومترًا غرب العاصمة بغداد، وتعد أحد أبرز معاقل تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق، ويقطنها أغلبية من السُنة، وهي من أولى المدن التي سيطر عليها التنظيم مطلع عام 2014 قبل اجتياح شمال وغرب البلاد صيف العام نفسه.

  كلمات مفتاحية

الفلوجة الجيش العراقي الحشد الشعبي العفو الدولية

«الجبوري» يكشف عن «انتهاكات» ارتكبتها القوات الأمنية ضد مدنيين بالفلوجة

فارون من ⁧‫الفلوجة: المدينة تحولت لسجن كبير بلا طعام أو ماء أو دواء

ظهور قائد القوات البرية للحرس الثوري بالفلوجة

القوات العراقية تفشل في اقتحام الفلوجة بعد 3 أيام من المواجهات

«يونيسيف»: 20 ألف طفل محاصرون في الفلوجة يواجهون خطر التجنيد القسري

«السبهان»: إرهابيو إيران بالفلوجة يريدون حرق العراقيين العرب بنيران الطائفية

معركة الفلوجة والالتباس السافر

«العبادي» يعترف بوقوع «انتهاكات» خلال معركة الفلوجة ويأمر بملاحظة المتورطين

«النجيفي» يحمل «العبادي» مسؤولية انتهاكات الفلوجة وتأكيدات حول فتح تحقيق

«هادي العامري»: لن يمنعنا أحد من اقتحام الفلوجة وأمام الأهالي 10 أيام للخروج منها

وصول 80 مستشارا عسكريا إيرانيا إلى العراق للمشاركة في معارك الفلوجة

هزيمة الطائفية قبل الإرهاب

«داعش» و«الحشد»: الفلوجة نموذج للعراق

نازحون من «الفلوجة» يرون شهادات مروعة عن جرائم «الحشد الشعبي»

رسميا.. ضم ميليشيات «الحشد الشعبي» إلى صفوف الجيش العراقي