أشارت تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن الكويت تحتاج لسعر يبلغ 54 دولارا فقط لبرميل النفط كي تحقق التعادل بين الإيرادات والمصروفات في الموازنة، وهو أقل بكثير من السعر الحالي لخام برنت الذي يقترب من 85 دولارا للبرميل.
لكن الدعم الحكومي الذي يذهب معظمه للطاقة يلتهم نحو 5.1 مليارات دينار (17.7 مليار دولار) سنوياً، أو ما يقرب من ربع الإنفاق المتوقع للحكومة الكويتية في السنة المالية الحالية. ويهدر الدعم النفط والمال، ولا يترك هذا للمستهلكين حافزاً يدفعهم للحد من استخدامهم للوقود أو الكهرباء، بل ويشجع على تهريب الوقود إلى دول مجاورة.
وعندما صرحت الحكومة الكويتية الشهر الماضي إنها تعتزم رفع أسعار وقود الديزل والكيروسين في البلاد انتقد بعض الكويتيين الغاضبين هذه الخطوة على موقع تويتر، ووصفوها بالجائرة.
وقال مغردون إن ما سينجم عن ذلك من زيادة في أسعار تذاكر الطيران سيؤخذ من قوت المواطنين، كما إن المستهلكين الكويتيين سينتهي بهم المطاف إلى تحمل الزيادة في تكاليف التجارة.
ومن المحتمل أن يواجه المسؤولون في الكويت وبعض الدول الخليجية الأخرى مزيدا من السخط الشعبي في الأشهر المقبلة، فبعد أن دللت هذه الدول مواطنيها لعقود من الزمن، وقدمت لهم برامج رعاية اجتماعية سخية، يتجه بعضها إلى تقليص تلك المزايا مع هبوط أسعار النفط العالمية، الذي يضغط على المالية العامة للدولة.
وإجراءات التقشف محدودة إذا ما قورنت بالثروة النفطية المقدرة بعشرات المليارات من الدولارات التي تنفقها الدول الخليجية على برامج الرعاية الاجتماعية، للحفاظ على السلم الاجتماعي في أعقاب ثورات «الربيع العربي»، التي اندلعت في عام 2011. ويتخذ بعض المسئولين من نزول أسعار النفط حجة سياسية لإقناع مواطنيهم بضرورة الإصلاحات.
وفي الشهر الماضي، قال وزير الشؤون المالية العماني «درويش البلوشي» لرويترز إن من المرجح أن تبدأ حكومته في خفض الدعم في العام المقبل، وإن هبوط أسعار النفط جعل الرأي العام أكثر تقبلا لهذه الفكرة.
وفي الكويت، وافقت الحكومة على تقرير أعدته لجنة تابعة لوزارة الكهرباء والماء بخصوص خفض دعم وقود الديزل والكيروسين، وهو ما قد يرفع تكلفتهما على المستهلكين إلى أكثر من ثلاثة أمثالها.
وقال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى الكويت «أنانثاكريشنان براساد» لرويترز الشهر الماضي بعد محادثات مع سلطات الدولة إنه «رصد قوة دافعة جديدة للإصلاح».
وأضاف «بعد فترة طويلة أرى حقا بعض الإصلاحات على الصعيدين المالي والهيكلي والأمور تتحرك. أعتقد أن الحكومة والبرلمان يدركان أنه رغم أن نموذج التنمية الحالي القائم على استخدام إيرادات النفط.. نجح حتى الآن في تحقيق النمو، فإنه غير قابل للاستمرار في المستقبل مع تزايد المخاطر العالمية».