نفط اليمن: «مأرب» التي أشعلت أطماع المتصارعين

الثلاثاء 13 يناير 2015 10:01 ص

موقع محافظة مأرب اليمنية، وتربعها على العرش النفطي، شرقي البلاد، أوقعها في فخ أطماع القوى المتصارعة على الأرض.. فهنا ميليشيات «الحوثي» المتأهبة لـ«الاقتحام»، وأمامها قبائل المحافظة «المدافعة»، وعلى مرأى من الطرفين تقف الدولة رافضة وجود أية قوة غيرها لحماية المصالح النفطية والغازية.

فمن جهة، يحذر «الحوثيون» من محاولة إسقاط المحافظة في يد التكفيريين و«القاعدة»، ومن جهة أخرى، يتمركز رجال قبائل مأرب عند مشارفها، تحسبا لأي هجوم، ومن جهة ثالثة ترفض الدولة وجود أية ميليشيات مسلحة تحت أي عنوان، وأنها مصممة على وجودها كقوة على الأرض لحماية مصالحها النفطية والغازية.

وفي الخطاب الذي ألقاه «عبدالملك الحوثي»، زعيم ميليشيات «الحوثيين»، بمناسبة ذكرى المولد النبوي، السبت الماضي، وتعريجه فيه على الوضع في مأرب، أعاد المخاوف إزاء اندلاع صراع مسلّح في المحافظة التي تُعدّ الرافد الأساسي لاقتصاد البلاد.

«الحوثي» ألمح في خطابه إلى أن مسلحي جماعته لن يقفوا مكتوفي الأيدي تجاه ما أسماه «محاولة إسقاط مأرب في يد التكفيريين والقاعدة، في حال لم تقم الجهات الرسمية بواجباتها».

لكن الرجل أشار إلى وجود حساسية للوضع هنا، وهو ما جعل اللجان الشعبية (مسلحون موالون للحوثي) يترددون في اقتحام المحافظة حتى اليوم، خوفا من تبعات هذا الاقتحام.

في المقابل، فإن قوة التماسك القبلي في مأرب حال دون حدوث بسط أي من القوتين سيطرتهما على الأرض، وشكّل تمركز القبائل، وعلى رأسها «عبيدة»، و«مراد»، و«جهم، و«الجدعان»، مصدات شديدة في وجه تغوّل مليشيا الجماعتين «القاعدة والحوثي»، وقطع الطريق عليهما، خاصة «الحوثي» التي من بين مبررات سيطرتها على المدن هي حمايتها في ظل ضعف تواجد الدولة.

ومنذ أشهر يرابط آلاف من رجال تلك القبائل على مشارف المحافظة، وتحديدا في منطقتي «نخلا»، و«السحيْل»، بكامل عتادهم، بدءا من الأسلحة الرشاشة الخفيفة، وحتى مضادات الطيران، والعيارات الثقيلة، تحسبا لأي هجوم، خاصة من قبل جماعة «الحوثي» المسلحة والمحسوبة على المذهب الشيعي

وأهل مأرب، محسوبون على المذهب الشافعي (السُّنّي)، وينتشر فيها مدارس دينية تُحسب بعضها على جماعة «الإخوان المسلمين»، فيما البعض الآخر يُشرف عليها علماء محسوبون على المنهج السّلفي، وكلاهما منهجان يتّسمان بالوسطية والاعتدال، ويحظيان بقبول شعبي واسع، وهو إحدى الضمانات، إلى جانب تماسك القبيلة، في نبذ فكرة الطائفية والصراع على أساس مذهبي، بحسب مراقبين.

ويقطن مدينة مأرب، عاصمة المحافظة، مئات الأسر القادمة من محافظات يمنية أخرى، والمحسوبة في أغلبها على المذهب السني، ويتشكلون من موظفي الدولة، والتجار، والباعة، فيما توجد أقلية من «الأشراف» أو «السادة» وهم أقرب إلى المذهب «الزيدي»، وتُوصف «الزيدية» بأنها محسوبة على الشيعة، وهي أقرب  إلى السُّنّة.

وعلى مدى تاريخ مأرب، لم تشهد المدينة صراعا بين القبائل «السُّنّيّة»، و«الأشراف»، حيث  تعايشا طوال الفترات الماضية دون أن يكون بينهما أي تمايز يُذكر وفقا لانتمائتهم أو طبقاتهم الاجتماعية. (صورة تعبيرية نشرتها مواقع يمنية تتخيل سقوط مأرب بيد الحوثيين)

وحين ظهرت جماعة الحوثي لم تجدْ قبولا لافتا لدى أشراف مأرب، وبدوا حذرين للغاية في التعامل مع ملف الصراع الذي يديره «الحوثيون» في العديد من محافظات البلاد،  ذلك أن الأحزاب السياسية استطاعت استقطاب زعماء الأشراف إليها، وأصبحوا يتولون مناصب حزبية عليا في أحزاب «سُنّيّة» بينها «التجمع اليمني للإصلاح»، المحسوب على تيار «الإخوان المسلمين»، و«المؤتمر الشعبي العام»، حزب الرئيس السابق «علي عبدالله صالح»، ذو التوجه
الليبرالي.

ومنذ إعلان السلطات اليمنية الحرب على ما يسمى «الإرهاب»، تقريبا في العام 2001، وسعيها الحثيث للتوعية بمخاطر وجود «القاعدة» في مناطق القبائل، وما يترتب على ذلك من تعريض حياة المدنيين للخطر نتيجة استهداف تلك العناصر، سواءً بالطائرات اليمنية، أو بطائرات أمريكية دون طيار، سارعت القبائل إلى إعلان وثيقة شاملة تُهدر دم كل منتمٍ إلى الجماعات الإرهابية، أو قاطع طريق، أو مخرب للمنشآت الحيوية كالنفط والغاز والكهرباء، وأعلنت وقوفها إلى جانب الدولة للقبض على هؤلاء، كونهم خارجون عن القانون والأعراف القبليّة التي تجرّم مثل هكذا أفعال.

محاولات فاشلة للحوثيين لعقد تحالفات بمأرب

وبدت في الآونة الأخيرة، جلياً، محاولات لـ«الحوثيين»، بعقد تحالفات مع بعض رموز القبائل في مأرب، خاصة المحسوبين على نظام الرئيس السابق، والتي باءت بالفشل، لإدراك الجميع على ما يبدو بخطورة مواجهة القبائل أو نشوب صراع في داخلها على خلفية مساندة «الحوثيين» وتسهيل مهمة دخولهم إلى مأرب بحسب مراسل الأناضول، واستنادا إلى امتناع معظم زعماء القبائل عن التوقيع على وثيقة تسمح لـ«الحوثيين» بدخول المحافظة

وفي تصريح صحفي، حذر محافظ مأرب، «سلطان العرداة»، من تعرض المصالح الحيوية في البلاد للخطر بسبب مساعي جماعة «أنصار الله» لـزعزعة أمن واستقرار المحافظة التي تنتج أكثر من 70% من النفط والغاز للبلاد.

وقال «العرادة»، وهو زعيم قبلي من أبناء المحافظة، إن مأرب ترتبط بحياة المواطنين اليومية، وعندما تتعرض هذه المصالح (النفط والغاز) لأي اعتداء فإن تأثيرها يعم البلاد كلها، داعيا جماعة «الحوثي» إلى إيجاد الأمن في المحافظات التي سيطروا عليها قبل أن يتحدثوا عن أمن مأرب. 

وأشار إلى أن أبناء المحافظة والسلطة المحلية يرفضون وجود أية ميليشيات مسلحة تحت أي عنوان، وأنهم مصممون على منع وجود أي قوة غير قوة الدولة لحماية المصالح النفطية والغازية.

هذا الحديث الواضح، من مسؤول في الدولة، إلى جانب كونه زعيما قبليا، يكشف مدى جديّة الجانب الرسمي، في التعامل مع ملف الصراع في مأرب، وأن الجيش ربما لن يترك فرصة لـ«الحوثيين» لاجتياح المحافظة، ذات الأهمية الاقتصادية الكبيرة، لبلد يعاني أصلاً من شحة في الموارد، ويقف اقتصاده على حافة الهاوية، وفق مؤشرات اقتصادية حديثة.

وتكمن أهمية محافظة مأرب، في وجود حقول النفط بها، ومنها يمتد الأنبوب الرئيس لضخ النفط من حقول «صافر» إلى ميناء رأس عيسى على البحر الأحمر غربي البلاد، كما يوجد بها أنبوب لنقل الغاز المسال إلى ميناء بلحاف بمحافظة شبوة (جنوب)، إضافة إلى وجود محطة مأرب الغازية التي تمد العاصمة صنعاء وعدة مدن يمنية بالطاقة الكهربائية، إضافة إلى أنها تعتبر من أهم المناطق الزراعية.

فكل هذه الميّزات، جعلت من مأرب، محط أنظار الكثير من القوى المتصارعة في البلاد، وعلى رأسها جماعة «أنصار الله»، وتنظيم «أنصار الشريعة» فرع تنظيم «القاعدة» في اليمن.

المصدر | الخليج الجديد + الأناضول

  كلمات مفتاحية

اليمن مأرب عبدالملك الحوثي الحوثيون القاعدة أنصار الله علي عبدالله صالح التجمع اليمني للإصلاح

الحوثيون يهددون باجتياح مأرب .. والقبائل تستعد لمواجهتهم بـ13 ألف مقاتل

زعيم قبلي يهاجم الرئيس اليمني ويتوعد «الحوثي» إذا حاول السيطرة على مأرب

قبائل مأرب تستولى على 13 دبابة و10 ناقلات جند كانت فى طريقها للحوثيين

اليمن: أنبوب النفط بمحافظة مأرب يُسرب 1200 برميل يوميا !!

اتفاق بين السلطة المحلية وقبائل مأرب لمنع ميليشيات الحوثيين من دخول المحافظة

الحوثي ومشايخ عبيدة والأشراف يوقعون وثيقة لـ«منع الصراع المسلح» في مأرب

بعد «الحديدة» و«ذمار»: مليشيات «الحوثيين» عينها على «باب المندب» ونفط «مأرب»

السعودية تحذر رئيس اليمن: الحرب علي مأرب تعني الحرب على الرياض

اليمن: تحركات سياسية مكثفة .. و«الحوثيون» يواصلون حصار الرئاسة ورئيس الحكومة

اليمن ينشئ شركة لإنتاج النفط بعد مغادرة شركة أجنبية

اليمن في انتظار الصراع الطائفي: التمدد «الحوثي» يدفع القبائل إلى احتضان «القاعدة»

تراجع إيرادات اليمن النفطية 37.2% في 2014 .. والاحتياطيات الأجنبية انخفضت 12.8%

مليار دولار خسائر نفطية لليمن في 2014

اليمن.. إصابة 9 عمال إثر نشوب حريق في بئر ماء وتوقعات بوجود نفط أو غاز

لماذا لن تؤثر الحرب في اليمن على أسعار النفط؟

قبائل مأرب تأسر 6 حوثيين .. واللواءان 111 و112 يعلنان ولاءهما للشرعية الدستورية

مقاتلو القبائل الموالون لـ«هادي» يسيطرون على مرفأ نفط وقاعدة عسكرية في حضر موت

حكومة الحوثيين تحذر الأمم المتحدة من تسرب مليون برميل نفط