رجّح رئيس حركة النهضة التونسية الإسلامية، «راشد الغنوشي»، أن تقوم المملكة العربية السعودية، بقيادة الملك «سلمان بن عبدالعزيز»، بدور تصالحي في المنطقة عامًة، وعلى وجه الخصوص في مصر وسوريا.

وخلال مقابلة له مع وكالة الأناضول، قال «الغنوشي»: «نتوقع أن تقوم المملكة العربية السعودية..بدور تصالحي في مصر وفي المنطقة وفي سوريا من أجل حقن الدماء وجمع الصفوف على كلمة سواء». وذلك بعد أن تولى «سلمان» ولاية المملكة بعد وفاة أخيه الملك «عبد الله بن عبد العزيز»، الذي كان قد دعم بقوة سلطات الانقلاب العسكري الحالية في مصر، وتوفي الشهر الماضي.

وتابع «الغنوشي» بقوله: «نحن متألمون لما يحصل في مصر ونتمنى للشعب المصري كل خير ونتمنى للقوى السياسية في مصر أن تلتقي على كلمة سواء وأن تنطلق من أن مصر لكل المصريين كما تونس لكل التونسيين».

ورأى أنه «لا مجال للإقصاء لأن الإقصاء لا يحل مشكلة، والمخرج الوحيد للمنطقة من خطر الفوضى والتحارب هو التوافق بين القوى الرئيسية في كل بلد».

هذا ولم يؤكد «الغنوشي» أو ينفِ ما تداولته وسائل الإعلام المختلفة حول مساعي كان قد قيل أنه يبذلها لدى العاهل السعودي الجديد للقيام بمصالحة بين الأطراف المتصارعة في مصر منذ الانقلاب على الرئيس «محمد مرسي»، في يوم 3 يوليو/ تموز 2013. بيد أن «الغنوشي» سبق وأكد أنه مستعد للمساعدة في ذلك (التقريب بين الأطراف المتنازعة في مصر)، وقال: «يشرفني أن أقوم بأي جهد مهما كان بسيطا من أجل حقن الدماء، وأعظم القربات إلى الله حقن دماء المسلمين».

 وعزز ذلك الأنباء المتداولة حول أن الملك «سلمان» لم يلتق «السيسي» الذي وصل إلى الرياض على رأس وفد كبير ضم عددًا من الوزراء وشيخ الأزهر، ليضيف المزيد من الغموض حول الأسباب الحقيقية لعدم مشاركته في تشييع الجنازة، بعدما ربط محللون بين تغيبه وما يتردد عن تغيير في موقف القيادة السعودية من الأوضاع في مصر.

حرق «الكساسبة» فعل وحشي

في سياق آخر، قال رئيس حركة النهضة إن قتل الطيار الأردني «معاذ الكساسبة» من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية» حرقًا بالنار، هو «فعل متوحش وسابقة لا نظير لها في تاريخ الإسلام».

وأضاف أن قتل «الكساسبة» (27 عاما)، حرقا «مثّل صدمة كبيرة وهو سابقة لا نظير لها في تاريخ الإسلام من الحرق بالنار. الإعدام بالنار تقاليد متوحشة لم يعرفها تاريخ الإسلام»، ولذلك هؤلاء أتوا «شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا»، مقتبسًا آيتين قرآنيتين من سورة «مريم» تتحدثان عن غضب الله على من يدّعون أنه له سبحانه وتعالى ولدًا.

واستطرد قائلًا أن «ما ينبغي أن يصل التوحش والعلاقة بين المسلمين إلى هذه الدرجة ولذلك استنكرنا هذا العمل بأشد عبارات الاستنكار وعبرنا عن تعاطفنا مع الشعب الأردني ومع عائلة الكساسبة». فيما تابع أن «هذه درجة عالية من درجات التوحش يصل إليها الصراع في المنطقة».

وتابع بقوله إن «فئات شاذة عبر تاريخ الإسلام كانت تتغذى من هذه البضاعة المزجاة (ناقصة ورديئة)، بضاعة التطرف والتكفير والخوارج، فستحتلّ دماء المسلمين وتنال مما عظمه الله سبحانه وتعالى، فالمؤمن كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يزال في فسحة من دينه ما لم يتورط في دم مسلمٍ)».

وبشأن دور الفقهاء والمفكرين المسلمين في التصدي لهذة الأفكار، رأى أنه لا بد من إشاعة فكر الاعتدال «الذي يعظم النفس البشرية باعتبار المحافظة على النفوس مقصدا عظيما من مقاصد الشريعة»، حسب قوله. وأضاف أن «مسؤولية الأئمة والفقهاء والعلماء ورجال الإعلام والمعاهد الدينية مسؤولية عظيمة في محاصرة فكر التطرف وإشاعة فكر الاعتدال لأن فكر التطرف لا يمكن أن يصنع أمة».

وأظهر تسجيل مصور منسوب لتنظيم «الدولة الإسلامية»، بث مساء الثلاثاء الماضي، إعدام «الكساسبة» حيا بالحرق على يد عناصر من التنظيم، الذي يسيطر على مناطق في الجارتين العراق وسوريا ويتعرض منذ شهور لغارات جوية يشنها تحالف غربي/عربي، بمشاركة الأردن تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

وكان تنظيم «الدولة الإسلامية» قد أعلن يوم 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي أسر «الكساسبة» بعد إسقاط طائرته الحربية التابعة للتحالف الدولي قرب مدينة الرقة السورية.