وافقت برلين، بعد بضعة أسابيع من عدم الوضوح في موقفها، علي تسليم معدات عسكرية إلى المملكة العربية السعودية والكويت، ومصر، فيما اتهم سياسيون معارضون، الائتلاف الحاكم بوضع «الربح» قبل «حقوق الإنسان»، في سياسته تجاه السعودية.
وذكر موقع «دويتش فيلله» الألماني أمس الأربعاء أن مجلس الأمن الفيدرالي الألماني وافق علي تصدير «أنظمة محاكاة إطلاق النار»، وأجهزة تتعلق بتكنولوجيا أمن الحدود إلى السعودية أمس الأربعاء، واضعا بذلك حداً لأسابيع من الارتباك والتردد في الموقف الألماني بشأن ما إذا كانت الحكومة الاتحادية قررت تجميد كافة صادرات الأسلحة إلى المملكة أم لا.
ومع هذا أكد مجلس الأمن الفيدرالي علي أنه لن يتم إرسال أي أسلحة ثقيلة للسعودية، ولكنه سمح بتسليم 12 دبابة إلى الكويت، كما سمح بتسليم شحنة من أجهزة الراديو ذات الاتجاهين إلى مصر تقدر بـ 240 جهازاً، ضمن الضوء الأخضر الذي أعطاه لتسليم الأسلحة لدول الشرق الأوسط.
وكانت أحزاب: «الخضر» و«اليسار» المعارضة قد أحرجت الائتلاف الحاكم وانتقدت سماحه للشركات الألمانية بالقيام بعقد صفقات سلاح تجارية مع «دول لديها سجلات مريبة في مجال حقوق الإنسان».
وقال المتحدث باسم السياسة الخارجية حزب اليسار «يان فان أكين» أن «حقوق الإنسان لا تزال لا تمثل شيئا للحكومة الفدرالية، وأنجيلا ميركل لا تزال متسقة مع موقفها القاضي باعتبار صادرات الأسلحة أهم من حقوق الانسان».
وطالب «فان أكين» بوقف جميع صادرات الأسلحة إلى السعودية تماما، فيما انتقدت المتحدثة باسم حزب الخضر للسياسة الأمنية «أنيسكا بروغر» الحكومة لسماحها بتوفير أسلحة ومعدات عسكرية أخرى إلى بلدان يتم انتهاك حقوق الإنسان فيها بشكل منهجي.
وقالت: «هذا يشمل مصر بجانب السعودية»، حيث تم الحكم بإعدام 183 مصريا منذ يومين فقط، وكان يجب وقف تصدير السلاح لمصر أيضا.
وأشار كلا من «أكين» و«بروغر» إلي قضية المدون السعودي «رائف بدوي» المحكوم عليه بألف جلدة و10 أعوام من السجن بتهمة «إهانة الإسلام»، وهي العقوبة التي وصفها وزير الخارجية الألماني «فرانك فالتر شتاينماير» بأنها «عقوبة قاسية».
وسبق أن رفضت الحكومة الألمانية تأكيد أو نفي تقارير صحيفة تؤكد أنها توقفت عن بيع جميع صادرات الأسلحة إلى السعودية، في أعقاب الجدل حول الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في الدولة العربية.
وكانت ألمانيا قررت وقف تصدير أسلحة إلى السعودية بسبب ما قالت أنه «عدم الاستقرار في المنطقة»، و«الصراعات الجارية في الشرق الأوسط»، فيما أعلن وزير الخارجية «فرانك فالتر شتاينماير» أنه يبذل «كل ما بوسعه» لتسوية قضية المدون «رائف بدوي» المحكوم عليه بالجلد، لكن صناعة الأسلحة في ألمانيا قالت أنها ستعوض بعض الخسائر المادية جراء هذا بشحنة من الغواصات إلى أستراليا.
وسبق لمجلس الأمن الاتحادي، وهو حكومة مصغرة وتضم المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» ونائب المستشارة الاشتراكي الديموقراطي «زيغمار غابرييل» وسبعة وزراء آخرين، قد اتخذ قرارا في 25 يناير الماضي بوقف تصدير السلاح إلى السعودية بسبب «عدم الاستقرار في المنطقة»، حسب ما ذكرت صحيفة (بيلد) في عددها الأحد (25 يناير 2015).
وقالت الصحيفة إن طلبات الأسلحة التي تقدمت بها السعودية هي «إما وبكل بساطة قد رفضت» وإما تم تأجيل البت بها إلى وقت لاحق، موضحة أن الخبر لم يتأكد رسميا، ونقلت صحيفة «بيلد» عن مصادر حكومية قولها: «إن الوضع في المنطقة غير مستقر من أجل تسليم أسلحة إليها».
وذكرت الصحيفة بأن السعودية هي «أحد أهم زبائن صناعة الأسلحة الألمانية»، وأن مجلس الأمن الاتحادي سمح في عام 2013 بتسيلم السعودية أسلحة بقيمة 360 مليون يورو.
وجاء في استطلاع للرأي، أجراه معهد «أمنيد» ونشرته صحيفة «بيلد»، أن 60% من الألمان يعتبرون أنه يتوجب على برلين عدم مواصلة علاقاتها التجارية مع الرياض «بسبب انتهاكات حقوق الإنسان»، وحول مسألة بيع الأسلحة بالتحديد، ارتفعت الشريحة إلى 78% يرفضون تزويد السعودية بالسلاح.
قبل هذا قررت المحكمة الدستورية الألمانية ومقرها مدينة كارلسروه الألمانية في 21 أكتوبر 2014، أنه: «لا يتوجب على الحكومة الاتحادية إخبار البرلمان الألماني (بوندستاغ) بصفقات تصدير الأسلحة المحتملة بشكل مبكر أي قبل أن تبت في مسألة قبولها»، وبررت المحكمة الدستورية حكمها بأن «حق البرلمان في المعلومة لا يكفي لتبرير إخباره بمثل هذه الصفقات قبل حصول الموافقة عليها».
وقالت المحكمة في تبرير حكمها أيضا أن الحكومة يجب أن تخبر البرلمان بعد حصول الموافقة على تنفيذ صفقات تصدير الأسلحة، وذلك في إطار قانون الحق في المعلومة لكن المحكمة ترى بأن الحكومة الألمانية ملزمة بالإجابة على الأسئلة المحددة بخصوص موافقة الحكومة الألمانية على تنفيذ هذه الصفقات من عدمه.
ويذكر أن هذا الحكم قد صدر بعدما تقدم أعضاء عن حزب «الخضر» في البرلمان الألماني بشكوى عام 2011 بسبب ما اعتبروه معلومات غير كافية عن صفقة تصدير أسلحة إلى المملكة العربية السعودية والجزائر.