«ستراتفور»: تركيا وباكستان لا ترغبان في تحول «عاصفة الحزم» إلى صراع طائفي

الأربعاء 8 أبريل 2015 01:04 ص

يبدو أن التدخل العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن من أجل مواجهة النفوذ الإيراني المتنامي في العالم العربي قد وصل إلى تركيا وباكستان. لا تريد هذه الدول غير العربية أن تتورط في صراع جيوسياسي وطائفي بين السعوديين والإيرانيين. ومع ذلك فإن طبيعة الصراع السعودي الإيراني إنما يعني أن الأتراك والباكستانيين وغيرهم في المنطقة من غير المحتمل أن يكون بإمكانهم الهرب من تداعيات هذا الصراع.

وقد قام الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» برحلة من يوم واحد إلى طهران لمقابلة القادة الإيرانيين يوم الثلاثاء، فقط بعد 11 يوما من نقده غير المسبوق لتدخل إيران في الصراع اليمني وفي المنطقة ككل. وقبل ساعات من وصوله إلى طهران تقابل أردوغان مع نائب ولي العهد «محمد بن نايف» والذي قام بزيارة غير متوقعة إلى العاصمة التركية. ومن المقرر أن يزور وزير الخارجية الإيراني «جواد ظريف» إسلام أباد قريبا لمناقشة الوضع في اليمن مع القادة الباكستانيين، حيث يدرس البرلمان الباكستاني كيف يرد على الطلب السعودي بمساعدات عسكرية كبيرة ضد الحوثيين في اليمن. إلى جانب ذلك، كان رئيس الوزراء الباكستاني «نواز شريف» في أنقرة الجمعة الماضية في رحلة غير مدرجة لمناقشة الوضع في اليمن مع القادة الأتراك وذلك بعد أن عاد وزير الدفاع الباكستاني ومستشار الشؤون الخارجية من الرياض بالطلب السعودي السالف الذكر.

ما هي الملاحظات الجيوسياسية حول هذه التحركات؟

كل هذا النشاط إنما يضم بشكل كبير دولا غير عربية في الشرق الأوسط الكبير تعد وريثة لقوى إقليمية تاريخية. فمنذ حوالي 500 عام، كانت الإمبراطورية العثمانية والإمبراطورية الصفوية يتقاتلون  من أجل النفوذ في الحافة الشمالية للشرق الأوسط وكذلك بلاد الشام وشبه الجزيرة العربية. وفي نفس الوقت تقريبا، كان الصفويون يخوضون صراعا حول أفغانستان مع الإمبراطورية المغولية ذات الأصول التركية والتي كانت تسيطر على معظم المناطق في جنوب أسيا. وبعد حوالي نصف ألفية (500 عام)، يعود الأتراك والإيرانيون للمواجهة لأجل التنافس على النفوذ في أغلب مناطق الشرق الأوسط بينما إيران وباكستان يتصارعان من أجل أدوار بارزة في مستقبل أفغانسان.

إن الخلاف الأبرز بين فترة القرون الوسطى والحاضر الذي نعيشه هو وجود لاعب عربي قوي في هذا المزيج الجيوسياسي، إنها السعودية. ومما يثير السخرية أن السعودية لم تكن يوما قوة بارزة منذ ظهور الإسلام وحتى العصر الحديث، بل إن العرب لم يكونوا يومًا ما قوة. فما صار يعرف باسم السعودية منذ عام 1932 إنما كان جزءا غامضا من أراض جيوسياسية باستثناء المنطقة الساحلية على البحر الأحمر من الحجاز واليمن. واليوم تقود مواقف السعودية، التي يحركها البترودولار، معظم قوى المنطقة الإسلامية التاريخية.

أما الاستثناء فهو إيران التي تتمدد جيوسياسيا، بالتزامن مع الفوضى في المنطقة بعد أحداث الربيع العربي، وهو الأمر الذي جعل السعودية تأخذ دور القيادة. ومنذ عام صعود دولة ما بعد «كمال أتاتورك» في 2002 تحت حكم حزب العدالة والتنمية الذي يترأسه «أردوغان»، ارتأت تركيا أن تستعيد دورها كقائد للمنطقة ولكنها لم تستطع القيام بذلك. وهذا الوضع إلى حد كبير قد نتج عن التكتل الإيراني في العراق وسوريا أمام تركيا، في استعادة تامة لما حدث في القرون الوسطى عندما قام العثمانيون بمنع الصفويين من التمدد في العالم العربي.

وبينما تحاول تركيا صياغة طريقتها لمواجهة إيران الشيعية، فإن السعودية بقيادتها لقوى التحالف العسكري في اليمن قد أظهرت نوعا من القيادة التي تسعى إليها تركيا في المنطقة السنية. وتركيا الآن في موقف رد الفعل والذي يفسر غضب «أردوغان» المناهض لإيران. يرى أغلب المراقبين تركيا والسعودية على أنهما في نفس الجانب وذلك لأن كلاهما قوة سنية، إلا أن هذه الهوية الطائفية المشتركة بينهما تجعل الأتراك والسعوديين في وضع التنافس.

وجدير بالذكر أن المُلك السعودي قام على أساس رفض الحكم التركي في الشرق الأوسط. ولا تزال لدى الرياض وأنقرة رؤى متنافسة حول الكيفية التي يجب أن يبدو عليها الشرق الأوسط. وهكذا، بينما الأتراك قلقون من زيادة النفوذ الإيراني، وخصوصا في ضوء التقارب الإيراني الأمريكي، فإنهم لن ينضموا إلى القوات التي تقودها السعودية ضد الإيرانيين. وفي المقابل، فإن الأتراك يبحثون على الفور عن طريقة للتأكد من أن السعوديين لا يمكنهم أن يستغلوا وضعهم في اليمن لتحقيق مزيد من التقدم لصالحهم إلى جانب العمل على التحايل على النفوذ الإيراني في سوريا والعراق.

ليس الأتراك وحدهم من لا يثقون في عملية الرياض في اليمن. فالباكستانيون يتعرضون لضغط شديد من قبل الداعمين السعوديين لإرسال قوات وطائرات وسفن حربية. فالمملكة تطالب بدعم إسلام أباد والتي احترقت بالفعل من التنافس الإيراني السعودي الذي يظهر على شكل عنف طائفي وجهادي. باكستان قريبة جدا من السعودية ولكنها تعرف أيضا أن إيران جارة لها وأنها تفضل المضي نحو المصالحة الدولية.

يمكن لإسلام أباد أن تنتفع بشكل كبير من التقارب الإيراني الأمريكي، وخصوصا فيما يتعلق بالحاجة الملحة إلى واردات الغاز الطبيعي والتي ظلت إلى الآن أمرا مستحيلا بسبب العقوبات المفروضة على طهران. إضافة إلى ذلك، يعرف الباكستانيون أن عليهم التسوية مع الإيرانيين حول أفغانستان وأن طهران يمكن أن تشن حربا طائفية بالوكالة في باكستان. وخلال زيارته لإسلام أباد سيقوم «ظريف» بتذكير مستضيفيه الباكستانيين بمخاطر الوقوف إلى جانب السعودية ضد الإيرانيين في اليمن.

وهذا هو السبب وراء ليس فقط دعوة «شريف» الموالي للسعودية لحوار وطني حول الموقف الذي يجب على حكومته أن تتخذه بخصوص اليمن، بل إنه أيضا كان يقوم بمقارنة ملاحظات مع نظرائه الأتراك حول كيفية الصمود في وجه العاصفة الإقليمية المتفاقمة. وبشكل واضح يحاول الأتراك التنقل بين السعوديين والإيرانيين ولا يمكنهم أن يقدموا للباكستانيين مساعدة أكثر من فكرة أنه ينبغي على أنقرة وإسلام أباد أن يتوسطا بين كل من المتنافسين الطائفيين (السعودية وإيران). غير أنهما في أعماقهما يعرفون أنه ليس لديهم الكثير لتجنب التأثر بالصراع بين دولتين إسلاميتين متنافستين.

  كلمات مفتاحية

إيران السعودية تركيا باكستان عاصفة الحزم

«محمد بن نايف» يزور أنقرة قبل ساعات من زيارة «أردوغان» لطهران

«فورين بوليسي»: التحالف السعودي الباكستاني ”حساس وخطير“

«ديبكا»: باكستان تستعد لنقل قوات كبيرة لحماية حدود السعودية اليمنية

«ستراتفور»: منافسة تركية سعودية على الزعامة السنية .. وقناة خلفية للتفاوض مع إيران عبر مسقط

«معهد الشرق الأوسط»: الإحباط يقرب المسافة بين تركيا والسعودية

«ستراتفور»: لماذا نتوقع نمو التعاون العسكري بين السعودية وباكستان؟

البرلمان الباكستاني يقر قانونا للحياد تجاه الحرب في اليمن ويجدد التزامه بالدفاع عن السعودية

إسلام آباد ترفض تحالفا إيرانيا مضاد لـ«عاصفة الحزم» ورئيس علماء باكستان يدين التمرد الحوثي

بعض حلفاء السعودية أخطر عليها من خصومها !

باكستان: تهديدات الإمارات «إهانة» لا يمكن قبولها أبدا

مخاطر تحول الصراع في اليمن إلى «حرب طائفية»

لماذا ترفض باكستان طلب السعودية الانضمام لتحالف «عاصفة الحزم»؟

«عاصفة الحزم» بين الحسم العسكري والحل الدبلوماسي

«هيرست»: نجاح السعودية في اليمن سيشجع تحالفها مع تركيا .. لكنه يثير توجس الإمارات

«خالد العطية»: المشكلة ليست مع الحوثيين ولكن مع من غرّر بهم

حرب الشرق الأوسط ليست طائفية

رئيس الوزراء الباكستاني وقائد الجيش ووزير الدفاع في الرياض لمناقشة الوضع في اليمن

باكستان ترحب بانتهاء «عاصفة الحزم» في اليمن

العاهل السعودي ورئيس وزراء باكستان يبحثان العلاقات الثنائية والأوضاع في اليمن

الرئيس الباكستاني يؤكد التزام بلاده الدفاع عن سيادة السعودية

«ناشيونال إنترست»: لماذا اختارت باكستان أن تنأى بنفسها عن التدخل في اليمن؟

«عاصفة حزم» ... دبلوماسية

قوة عسكرية ماليزية تصل السعودية للمشاركة في عملية «إعادة الأمل»

«رويترز»: إرضاء الجميع .. سياسة باكستان المحفوفة بالمخاطر

رئيس باكستان: مستعدون لحماية حدود السعودية وأرواحنا فداء للحرمين

قطر وباكستان تبحثان سبل تعزيز التعاون العسكري