وصل وفد أمني قطري إلى بيروت يحمل مبادرة لجبهة النصرة وعناصر داعش الذين يختطفون الجنود اللبنانيين في جرود عرسال.
وجرت معركة بين الطرفين على اثر اعتقال الجيش اللبناني زعيم النصرة في عرسال وزحف عناصر التنظيم إلى مراكز الجيش اللبناني في تلك المنطقة الشهر الماضي واحتجزوا 18 جنديا لبنانيا اعدمت واحدا منهم وهو الرقيب علي السيد ذبحا.
وتقول المعلومات أن الوفد القطري عقد اجتماعا مطولا مع أمير جبهة النصرة في الجرود واستمع إلى مطالبهم وشروطهم لإطلاق سراح المحتجزين.
وشدد وزير الإعلام «رمزي جريج»، في تصريحات صحفية، على أن موضوع تحرير المخطوفين لا يمكن أن يكون موضع مقايضة، بل يمكن أن يكون موضع تفاوض، عبر قنوات دولية استعملت وستستعمل من أجل تحرير المخطوفين.
من جانبه، أكد وزير العدل «أشرف ريفي» وجود مصلحة وطنية عليا في حل قضية العسكريين، داعياً للإسراع في محاكمة المتشددين الذين تم اعتقالهم.
وأشار بعض القانونيين إلى أن الإفراج عن المعتقلين ليس له أي سند قانوني، مؤكدين أن الحلول القانونية للإفراج عنهم تكمن في إصدار عفو عام بواسطة مجلس النواب، أو عفو خاص يتطلب توقيع جميع أعضاء الحكومة، في ظل غياب رئيس للجمهورية. إلا أنهم استدركوا بالقول إن العفو يصدر بحق المحكومين قضائياً، وإن غالبية الموقوفين ليسوا محكومين بعد.
قال وزير الدفاع اللبناني «سمير مقبل» إن حكومة بلاده تعمل جديا مع دولة قطر لمتابعة ملف العسكريين اللبنانيين المختطفين لدى جبهة النصرة.
ونقل «مقبل» عن رئيس الحكومة «تمام سلام» قوله أثناء اجتماع خلية الأزمة المعنية بمتابعة ملف العسكريين الأسرى إن حساسية الموضوع تفرض التفاف جميع المكونات الوطنية حول موقف واضح لتفادي ظهور أي تصدع داخلي قد يثير فتنة داخلية.
وتزامن التحرك «القطري واللبناني» الرسمي في القضية مع بث «جبهة النصرة» شريط فيديو للعسكريين التسعة الذين ظهروا في شريط سابق. وتضمن الشريط الجديد رسائل عدة وجهت إلى السنّة والشيعة، وتحدث خلاله (مدته 27 دقيقة) العسكريون المحتجزون وكانوا يجلسون تحت خيمة هذه المرة، فيما ظهروا في الشريط السابق وهم في غرفة مغلقة.
وجرى بث الشريط تحت عنوان «من سيدفع الثمن؟»، ودعا التسجيل بصوت أحد عناصر «النصرة» أهلَ السنّة في لبنان الى «نصرة أهلهم في سورية... قبل أن تدفعوا الثمن بتورطكم في حرب في صف الجيش اللبناني ضد إخوانكم المجاهدين».
وحذّرت «النصرة» في الشريط كل الطوائف في لبنان «من أن تنصروا حزب إيران... وسكوتكم عن جرائمه قد يحسب عليكم فتدفعون الثمن...».
وخاطبت «النصرة» «علماء المسلمين» ودعتهم إلى «تبيان حال الجيش حتى لا يلتبس على أهل السنّة لأن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة تجاه كل من ينتمي إلى هؤلاء المجرمين...».
ودعا العسكريون التسعة فى الشريط إلى وقف تدخل «حزب الله» في سورية، فيما ظهر أيضاً العسكريون المسيحيون الثلاثة، «جورج خوري» و«بيار جعجع» و«جورج خزاقة»، يتحدثون ضد تورط «حزب الله» في المعارك في سورية ويطالبون بانسحابه.
أما على صعيد التحرك القطري، فأكدت مصادر متعددة متابعة لمفاوضات إطلاق العسكريين اللبنانيين، «أن الضابطين القطريين توجها إلى بلدة عرسال منذ أول أمس». وذكرت أن لديهما خبرة في التفاوض على إطلاق محتجزين.
ورجحت المصادر أن يكون تحرك الضابطين يهدف إلى استكشاف أجواء الخاطفين وأن يكون هدفهما تمديد المهل التي سبق لهم، خصوصاً «داعش»، أن وضعوها تحت طائلة قتل أحد العسكريين، والتي سبق أن جرى تمديدها من يوم الأربعاء الماضي لبضعة أيام.
يشار إلى أن أهالي الجنود المحتجزين كانوا قد نفذوا اعتصاما الخميس أمام مقر الحكومة وسط العاصمة بيروت للمطالبة بحل قضية أبنائهم، في حين ردت الحكومة بأن سلامة العسكريين ليست موضع مساومة.
وكان لافتا نفي وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في حديث لصحيفة «النهار» علمه بوجود أي موفد رسمي أو أمني قطري على الأراضي اللبنانية، مشيرا إلى أن المعلومات المتداولة تقول إن هناك موفدا غير قطري ومن المرجح أنه حصل على ضمانات لعدم إلحاق أي أذى بأي من المخطوفين من تنظيم «الدولة الاسلامية» و«جبهة النصرة».
وتسود حالة من التكتم الشديد على تحرك الوفد القطري في حين يغيب أي حديث لدى السياسيين عن آلية عمل الوفد. أو حتى إن كان موجود فعلا؛ في حين كشفت قناة الجزيرة القطرية عن وجوده في عرسال وقيامه بالوساطة مشيرة الى انه وفد عسكري قطري.
ونقلت مصادر مقربة من الحكومة أن مقترحات جرى تدولها في الاونة الأخيرة ومنها ما أرسل بالفعل عبر الوفد القطري إلى المسلحين في عرسال تحمل تهديدا بازالة بعض مخيمات النازحين السوريين في لبنان وترحيل بعضهم إلى سوريا في حال لم يتم الاستجابة للوساطة.