الإيكونوميست: المستفيدون والخاسرون من تخفيض أسعار النفط

الثلاثاء 28 أكتوبر 2014 12:10 ص

كان لانهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991 أسبابا عديدة. إلا أن أحدها لم يكن أساسيا مثل انخفاض أسعار النفط، مادة التصديرالرئيسة، بمقدار الثلثين في الفترة ما بين عامي 1980 و 1986. وعلى نفس المنوال، استمر فلاديمير بوتين 14 عاما في الحكم، مدعوما بزيادة بلغت ثلاثة أضعاف في أسعار النفط.

والآن سعر النفط آخذ في الانخفاض مرة أخرى. فمنذ يونيو الماضي، انخفض السعر من نحو 115 دولارا للبرميل إلى 85 دولارا أو نحو ذلك، وهو ما يمثل انخفاضا بما يقرب من الربع. وإذا ما استقرت الأسعار عند مستوى اليوم، فسوف تقل فاتورة المستهلكين للنفط بحوالي تريليون دولار في العام. الأمر الذي من شأنه أن يمثل ضربة لركود الاقتصاد العالمي. كما يمكن أن يكون له أيضا عواقب سياسية كبيرة، فبالنسبة لبعض الحكومات سيكون فرصة نادرة، بينما سيشكل تهديدا لحكومات أخرى.

ومع أنه من الصعب توقع التغيرات في أسعار النفط، فقد جاء هبوط الأسعار خلال الأشهر الثلاثة الماضية جزئيا نتيجة للتطورات قصيرة الأجل وغير المتوقعة. فمن الذي كان يتوقع أن تؤدي الفوضى في ليبيا التي مزقتها الحرب أن تقوم بضخ 40٪ زيادة من النفط في نهاية شهر سبتمبر أكثر مما كانت عليه في وقت سابق من شهر واحد فقط؟ وكان قرار المملكة العربية السعودية بزيادة الإنتاج لحماية حصتها في السوق وضرب المنتجين للوقود الصخري الأمريكي وعرقلة التطورات الجديدة في المنطقة القطبية الشمالية مفاجأة أيضا.

كما يمكن أن تشكل الصدمات الجيوسياسية مفاجأة في الاتجاه الصاعد، وكذلك في الاتجاه النازل. فالمملكة العربية السعودية قد تقرر أيضا أن تتستمر في استغلال موقعها كمنتج بديل وأن تقوم بخفض الإنتاج لدفع الأسعار للارتفاع مرة أخرى. ومع الحرب في العراق، وليبيا التي لا تزال فريسة هشة ونيجيريا التي تواجه التمرد؛ فإن الإمدادات أصبحت عرضة لقوى الفوضى.

وبالنسبة للحكومات في الدول المستهلكة، يقدم انخفاض السعر بعض الانفراج في الميزانية. حيث يستخدم دعم الوقود كميات ضخمة من المال في العديد من البلدان النامية، ويمثل 20٪ من الإنفاق العام في إندونيسيا و 14٪ في الهند (بما في ذلك الأسمدة والمواد الغذائية). لذا، فإن انخفاض الأسعار يعطي الحكومات الفرصة لإنفاق المال بشكل أكثر إنتاجية أو إعادته إلى دافعي الضرائب. وقد مهدت الهند هذا الطريق بإعلانها هذا الأسبوع نهاية دعم الديزل.

أما بالنسبة لتلك الحكومات التي تستخدم الايرادات الاستثنائية من ارتفاع الأسعار لاتخاذ السياسات الخارجية العدوانية، فعلى النقيض من ذلك، يمكن أن يكون الوضع غير مريح بالمرة، وتعتبر أهم تلك الدول التي ستصبح أكثر ضعفا هي فنزويلا وإيران وروسيا.

فقد تكون فنزويلا أول المتضررين، وهي الموطن المعادي للولايات المتحدة بعد “الثورة البوليفارية”، التي حاول فيها الراحل هوجو شافيز تصديرها إلى جميع أنحاء منطقته. حيث تعتمد ميزانية فنزويلا على كون سعر النفط 120 دولارا للبرميل. وحتى قبل أن ينخفض السعر ينخفض ​​كانت فنزويلا تكافح من أجل سداد ديونها. فاحتياطيات النقد الأجنبي آخذة في التضاؤل​​، والتضخم متفش والفنزويليين يعانون دائما من نقص السلع اليومية مثل الطحين وورق التواليت.

إيران هي أيضا في موقف صعب. حيث تحتاج أن يكون سعر النفط حوالي 140 دولارا للبرميل لتحقيق التوازن في الميزانية السخية مع خطط الانفاق الباذخة التي أرساها رئيسها السابق، محمود أحمدي نجاد. فالعقوبات التي تهدف لكبح برنامجها النووي تجعلها في خطر بوجه خاص. كما يدعي البعض أن المملكة العربية السعودية السنية، قد تآمرت مع أمريكا لاستخدام أسعار النفط للضغط على منافستها الشيعية.

أما بالنسبة لروسيا فانخفاض السعر يعني أن قيمة عملة الروبل قد انخفضت أقل من قيمة الدولار، والإيرادات الضريبية؛ وهو ما يخفف ويحد من العجز في الميزانية. كما إن الكرملين يمكنه الاعتماد على الأموال وحفظها في صناديق الاحتياط. وربما تستطيع روسيا التعامل مع أسعار اليوم لمدة 18 شهرا إلى سنتين، ولكن المال سينفد في نهاية الامر. فالتطوير العسكري الذي يقوم به بوتين، والذي يمتص 20٪ من الإنفاق العام، يشبه البذخ. كما إن العقوبات تخنق الاقتصاد وتجعل من الصعب على روسيا الاقتراض. كما إن الروس الأكثر فقرا سيكونون أقل قدرة على تحمل تكلفة السلع الغذائية والاستهلاكية المستوردة. لذا فإذا ما بقي سعر النفط كما هو الآن، فإن ذلك من شأنه تعزيز السخط الشعبي.

وبرغم ترحيب الديمقراطيين والليبراليين بالآثار التي تؤدي إليها انخفاض أسعار النفط في دول مثل إيران وفنزويلا وروسيا. ولكن هناك أيضا زيادة في احتمالات عدم الاستقرار.  فالرئيس الإيراني، حسن روحاني، يسعى لتحسين مستويات المعيشة. وإذا ما غرق الاقتصاد الإيراني، فإن ذلك قد يعزز موقف خصومه المتشددين. وبالمثل، يمكن للوضع في فنزويلا أن تكون له عواقب وخيمة ليس فقط على فنزويلا ولكن أيضا على بلدان منطقة البحر الكاريبي التي أصبحت تعتمد على المساعدات البوليفارية. وبوتين، المحروم من الشرعية الاقتصادية، يمكنه أن يستغل جيدا عمق القومية المعادية للأجانب التي غذت حملته الانتخابية في أوكرانيا.

المصدر | الإيكونوميست

  كلمات مفتاحية

النفط السعودية الولايات المتحدة روسيا

دول الخليج تتحصن ضد انخفاض أسعار النفط بـ2.45 تريليون دولار

السعودية: تراجع أسعار النفط أمرٌ مؤقت وإن طال

تراجع أسعار النفط يهبط بعملات السلع

السعودية وأسعار النفط: الرفاق حائرون!

أسعار النفط تواصل تحديد معالم الجغرافية السياسية

"طغاة النفط" في مأزق أقوى مما توقعناه!

«أوبك» تترنح!!

تراجع أسعار النفط بفعل صعود الدولار في ظل أكبر انخفاض لتنبؤات الأسعار منذ 2009

«التدفقات الملكية» لمصر والمغرب والأردن.. هل تتراجع بانخفاض أسعار النفط؟

اقتصادي سعودي يستبعد عجز الموازنة فى 2015 ويصف توقعات صندق النقد بـ«التعسفية»

السعودية تعزز قدراتها النفطية بمصافي تكرير جديدة

هبوط «برنت» في أدنى مستوى له منذ 4 سنوات وتوقعات بخفض «أوبك» إنتاجها

رئيس شركة نفط أمريكية يصفي عقود التحوط مراهنا على ارتفاع الأسعار

غروب شمس هيمنة «أوبك» في عهد جديد من انخفاض أسعار النفط

حرب النفط الأمريكية الثانية: البترول العربي سلاح دمار شامل بيد الاخرين!

الروبل الروسي يواجه شبح الانهيار مع تراجع النفط

في النفط.. لا صوت يعلو فوق صوت السعودية