السودان.. صدام مصري إماراتي محتمل وقلق خليجي وفشل أمريكي

السبت 29 أبريل 2023 05:08 م

ربما يتطور الصراع الراهن في السودان إلى صدام بين مصر والإمارات، في وقت تعتمد فيه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على نفوذ كل من أبوظبي والرياض في الخرطوم، وهو ما يظهر فشل استراتيجية واشنطن في أفريقيا، بحسب خبراء في تحليل لجورجيو كافيرو، مختص في تحليل المخاطر الجيوسياسية، نشره موقع قناة "الجزيرة" وترجمه "الخليج الجديد".

ويشهد السودان، منذ منتصف أبريل/ نيسان الجاري، اشتباكات دموية بين الجيش، بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات "الدعم السريع" شبه العسكرية، بقيادة نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وهو ما يعتبره مراقبون صراعا على السلطة والنفوذ في بلد يأمل في العودة إلى الحكم المدني.

وأضاف كافيرو أن "الاضطرابات في السودان (...) تثير قلقا شديدا في دول مجلس التعاون الخليجي التي لها مصالح في مستقبل البلاد".

وأوضح أنه "كدولة على البحر الأحمر تتمتع بموقع جغرافي مهم، فإن السودان مهم للوصول إلى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وكذلك طرق التجارة العالمية وسلاسل التوريد عبر مضيق باب المندب، كما أن لدول الخليج العربية مصالح في السودان تتعلق بالاستثمارات والأمن الغذائي".

وتابع: "الدولتان العربيتان الخليجيتان اللتان تتمتعان بأكبر قدر من النفوذ في السودان حاليا هما الإمارات والسعودية، وهذا ملحوظ منذ الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير في 2019".

وأردف أنه في أواخر العام الماضي، وقَّعت السلطات العسكرية السودانية وشركتان مقرهما الإمارات اتفاقية بقيمة 6 مليارات دولار لتطوير ميناء أبو عمامة على البحر الأحمر".

وزاد بأنه "بالنسبة للإمارات يعد هذا المشروع الكبير جزءا من سياسة أوسع في البحر الأحمر وأفريقيا، حيث يحاول الإماراتيون توسيع دائرة نفوذهم وبناء شبكة من البؤر الاستيطانية الاستراتيجية".

وقال جهاد مشامون، باحث ومحلل سياسي سوداني، إن "مصلحة الإمارات في السيطرة على موانئ البحر الأحمر".

فيما قال أندرياس كريج، أستاذ مساعد في قسم الدراسات الدفاعية بكلية كينجز لندن، إن "الإماراتيين لبعوا لعبة دعم حميدتي والبرهان على مدار العامين الماضيين، والآن تدرك أبوظبي أن هذه السياسة لا تعمل بشكل جيد لأنها أوجدت رجلين قويين يتنافسان مع بعضهما البعض."

وحتى 27 أبريل/ نيسان الجاري، خلَّفت الاشتباكات 528 قتيلا و4 آلاف و599 جريحا، معظمهم مدنيون، بحسب وزارة الصحة السبت. وتجددت صباح السبت، اشتباكات في مناطق متفرقة بالعاصمة الخرطوم، رغم هدنة إنسانية معلنة مساء الخميس لمدة 72 ساعة، بناء على مساع أمريكية سعودية.

صراع إقليمي محتمل

و"بوجود سبعة حدود دولية، يمكن للعنف في السودان أن يمتد إلى العديد من البلدان الأخرى، ومن منظور دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية والإمارات وقطر والكويت وسلطنة عمان والبحرين)، فإن مخاطر الأزمة، التي لها آثار مزعزعة للاستقرار في الخليج ومصر (الجار الشمالي للسودان)، مثيرة للقلق بشكل خاص"، وفقا لكافيرو.

وتابع أن "مسؤولي دول مجلس التعاون الخليجي يأملونه في رؤية جامعة الدول العربية وأعضائها يكثفون الجهود الدبلوماسية لإنهاء هذا العنف قبل أن يخرج عن نطاق السيطرة".

كريج اعتبر أن "القلق الرئيسي هو أن يصبح هذا صراعا إقليميا محتملا يمتد إلى مصر." وقال كافيرو إنه "مع دعم القاهرة للبرهان ودعم أبو ظبي لحميدتي، فإن مصر والإمارات ليستا في الجانب نفسه".

وتابع : "مع ورود تقارير عن قيام مصر بتقديم دعم عسكري للجيش السوداني، بينما يدعم اللواء الليبي المنشق خليفة حفتر وآخرون حميدتي، هناك احتمال أن تفاقم جهات عربية وأفريقية مختلفة الصراع عبر تسليح الأطراف المختلفة في السودان".

وأردف أن "مصر تدعم البرهان وترى أن الجيش السوداني مثل الجيش المصري هو المؤسسة الوحيدة القادرة على الحفاظ على استقرار السودان". وقال مشامون إن "مصر تعتبر حميدتي مرتزقا".

متفقا معه قال كريج: "المصريون يعارضون بشدة حميدتي.. رأينا في السنوات الأخيرة خلافات تتطور بين مصر والإمارات حول ما يحدث في ليبيا (الجار الغربي لمصر) وحول من يدعم كلا الجانبين في إثيوبيا".

واستطرد: "والآن لديك السودان، حيث من الواضح أن الإماراتيين دعموا البرهان، ولكن في الوقت نفسه دعموا حميدتي أيضا وهم اثنان من الرجال الأقوياء.. وهذا النهج لن يستمر".

وقال صموئيل راماني، زميل مشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة: "إذا بدا أن حميدتي له اليد العليا في الصراع ضد البرهان، أعتقد أن الإماراتيين يمكن أن يدعموه بقوة أكبر".

وتابع أن "صفحات حميدتي على وسائل التواصل الاجتماعي تُدار من الإمارات، وينسخ حميدتي العديد من الروايات الإماراتية عن الإسلام السياسي، حيث يساوي بين البرهان والإسلام السياسي بعد نزع الشرعية عنه (حيمدتي)".

الموقف الأمريكي

بحسب السفير الأمريكي الأسبق في تونس جوردون جراي فإن "الولايات المتحدة نسقت منذ فترة طويلة مع الإمارات والسعودية بشأن السودان، على الرغم من بعض التوترات بشأن قضايا أخرى مثل إنتاج النفط".

وتابع: "حتى قبل الأزمة الحالية، كانت إدارة بايدن تنسق جهودها الدبلوماسية ضمن ما تُسمى بالدول الرباعية (السعودية والإمارات والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) بشأن الجهود المبذولة لإنشاء حكومة مدنية في السودان".

وأردف جراي: "إدراكا منه لعدم وجود دولة عربية لها القدر نفسه من النفوذ على حميدتي مثل الإمارات، يرى البيت الأبيض أن أبو ظبي تلعب دورا مهما بشأن محاولة كبحه. لكن ليس واضحا ما يمكن للقيادة الإماراتية القيام به للتأثير على حميدتي في هذه المرحلة".

وقال كريج: "الإماراتيون كانوا ساذجين للغاية في الاعتقاد بأن حميدتي شخص يمكنك السيطرة عليه.. كنا نعلم أن هذه الأزمة كانت في طور التكوين، والجميع يغض الطرف، ولا سيما الولايات المتحدة".

واعتبر أن "حقيقة أنه يتعين على الولايات المتحدة الآن التواصل مع الإمارات والسعودية تظهر فشل استراتيجية الولايات المتحدة في أفريقيا".

 

المصدر | جورجيو كافيرو/ الجزيرة- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السودان مصر الإمارات البرهان حميدتي الولايات المتحدة

حمدوك محذرا: صراع السودان قد يتحول لأسوأ حرب أهلية في العالم

لاجئون سودانيون.. رحلة مميتة نحو مصر ومعاناة شديدة على المعبر

حميدتي في الخرطوم.. بقاء ونفوذ بالتفاوض أو خروج وتعبئة للقبائل

وصفة أمريكية لإنقاذ السودان بضغوط مالية دولية على 3 أطراف

أزمة السودان بالنسبة مصر.. تهديدات ومخاطر متعددة وفرصة محتملة

وصل محطة السودان.. شرق أوسط جديد تشكله السعودية والإمارات

احتمالات تسوية أزمة السودان بين رغبات حميدتي ونفوذ الإمارات

موقع بريطاني: شركة في دبي سهَّلَت تواصل "الدعم السريع" مع نواب بريطانيين

بينها الاقتصاد.. 3 دوافع خليجية للوساطة بين فرقاء السودان

الإبقاء على "أمراء الحرب".. خطأ صنَّاع السلام في "السودانين"

إنهاء القتال في السودان.. اختبار لدبلوماسية الدولار الخليجية

وصفة للسودان.. ضغط دولي ووقف الدعم الخارجي وعدم مكافأة الجنرالات

الإمارات تعفي السودانيين من غرامات قانون الإقامة

ناشونال إنترست: حرب السودان تدفع مصر إلى حافة الهاوية

نزاع السودان يهدد مصالح الصين.. فهل تعدل خططها الاستراتيجية؟

كاتبة مصرية تتساءل: هل تخطط القاهرة لغزو وشيك للسودان؟

حرب السودان.. معارك الجنرالين في شهرها الرابع (تسلسل زمني)

المال والعائلة والقبائل.. قوة حميدتي الثلاثية في مواجهة البرهان

تقدير ألماني: تباين مصالح القاهرة والرياض وأبوظبي فرصة لأوروبا

في مواجهة دعم الإمارات لحميدتي.. مصر تسلم الجيش السوداني طائرات بدون طيار