حلب تبكي طبيبها الذي نذر حياته لخدمة الأطفال

الأحد 1 مايو 2016 09:05 ص

«اختار المجازفة بحياته لمساعدة سكان حلب.. وخسارته لا تعوض».. هكذا تصف المتحدثة باسم مكتب منظمة «أطباء بلا حدود»، في بيروت، الذي يقدم الدعم المالي لمستشفى القدس بحلب شمالي سوريا، طبيب الأطفال «محمد وسيم»، الذي قضى نحبه، خلال قصف قوات نظام «بشار الأسد» والقوات الروسية للمستشفى التي يعمل بها، الأسبوع الماضي.

«محمد وسيم»، طبيب شاب، نذر حياته لخدمة أطفال مدينة حلب وسط الحرب الضارية التي تضربها، وأصر على البقاء في هذا جحيم الحرب، رافضا المغادرة، إلى أن ذهب ضحية غارة استهدفت، مستشفى القدس الذي يعمل فيه.

ويتحدر الطبيب «وسيم»، بحسب موقع «هافينغتون بوست عربي» من حلب نفسها، وكان يعمل خلال النهار في مستشفى الأطفال، وليلاً في قسم الطوارئ بمستشفى القدس، وقد غادرت عائلته إلى تركيا، إلا أنه رفض الذهاب معهم.

أصدقاؤه قالوا إنه كان من المفترض أن يقوم بزيارة عائلته خلال الأيام القليلة المقبلة، لعدة أيام، لو لم تخطفه الغارة الجوية التي ضربت المستشفى.

بشوش رغم الألم

كما أكد زملاؤه ممن نجوا من القصف أنه كان أفضل طبيب أطفال في المنطقة، وبالتأكيد أحد آخر الباقين في جحيم حلب.

وأضافوا أن لحيته السوداء كانت دائماً مهذبة، وعيناه المتعبتان تكشفان وتيرة عمل هذا الطبيب الذي كان يعمل من دون توقف لإنقاذ حياة أطفال مدينته، سواءً كانوا من المرضى أو جرحى قصف قوات النظام في الأحياء الشرقية للمدينة الواقعة تحت سيطرة الفصائل المسلحة المعارضة.

وتابعوا أن نظراته حادة، ورغم المآسي كان حريصاً على إضفاء جو من المرح للتخفيف من توترات الحرب التي تضرب المدينة السورية الثانية.

زميله الطبيب «حاتم»، مدير مستشفى للأطفال في حلب، قال عن «وسيم»: «كان أكفأ أطباء الأطفال في المدينة، والطبيب الأروع في المستشفى».

وأضاف «حاتم» في كلمة له عن زميله، نشرت في موقع «الحملة السورية»: «كان ودودا وإنسانا وشجاعا وقادرا على إطلاق النكات بين أفراد فريقه حتى في أصعب الأوقات».

وحول ملابسات وفاته، قال: «عندما تصاعدت وتيرة القصف خلال الأيام التي سبقت إصابة المستشفى، قام مع أعضاء الفريق الآخرين بإنزال حضانات الأطفال الرضع إلى الطابق الأرضي؛ ظناً منهم أنهم قد يكونون بمكان أكثر أماناً».

إلا أن القصف، الذي ضرب مستشفى القدس في حلب، خطف حياة «وسيم»، مع طبيب أسنان و3 ممرضات و22 مدنياً، بينما كانوا يقومون بعملهم في المستشفى.

يشار إلى أن القانون الدولي، يمنع بشكل قاطع، استهداف المستشفيات في الأعمال الحربية.

وانضم «وسيم»، مع العاملين معه في المستشفى، إلى لائحة الموت السورية التي تضم ما يقارب نصف مليون قتيل منذ مارس/ آذار 2011.

مأساة

«ميريلا حديب»، المتحدثة باسم مكتب منظمة أطباء بلا حدود في بيروت، الذي يقدم الدعم المالي لمستشفى القدس، إن الطبيب وسيم كان «مندفعاً جداً واختار المجازفة بحياته لمساعدة سكان حلب».

وأضافت لوكالة الأنباء الفرنسية: «مستشفى القدس هو المستشفى الرئيسي للأطفال، وكان وسيم يعمل فيه منذ سنوات طويلة»، معتبرة أن «خسارته لا تعوّض».

وفي الإطار نفسه، قالت «ميسكيلدا زنكادا»، رئيسة بعثة منظمة «أطباء بلا حدود» في سوريا، إن وصفت مقتل الطبيب الشاب بأنه «مأساة».

وأضافت: «لم يبق سوى ما بين 70 و80 طبيباً للاهتمام بـ250 ألف شخص لا يزالون يعيشون في القسم الشرقي من المدينة؛ لأن 95% من الأطباء غادروا أو قتلوا».

وتزداد الظروف المعيشية صعوبة يوماً بعد يوم في المدينة، حسب «زنكادا»، التي قالت أيضاً إن «وضع الذين لا يزالون في حلب هو الأكثر هشاشة؛ لأنهم لا يملكون ما يكفي من المال للنزوح».

اللحظات الأخيرة

وبثّت القناة البريطانية الرابعة، أمس، مقطع فيديو يُظهر اللحظات الأخيرة لقصف مستشفى الأطفال بحلب، الذي استُهدف من قبل طيران النظام السوري، مما أدى إلى مقتل الكادر الطبي والمرضى الذين كان يتداوون أثناء سقوط القذائف.

ويظهر في الفيديو طبيب الأطفال «محمد وسيم»، الذي قتل في القصف، وهو يتنقّل في أروقة المستشفى حيث كان يقوم بمهمّته في علاج الأطفال.

ولاقى خبر مقتل «وسيم»، الذي رفض الفرار من حلب بهدف البقاء لعلاج الأطفال، حيث كان يُعدّ آخر الأطباء المحترفين بتخصّص الأطفال، صدى واسعاً على الشبكات الاجتماعية والصحف الغربية.

والأسبوع الماضي، قصف النظام السوري والطيران الروسي، مدينة حلب، ومستشفى القدس، ما أوقع عشرات القتلى من المدنيين، بينهم ما لا يقل عن 30 في المستشفى وحده، وهو ما وصفه الأمين العام للأمم المتحدة «بان كي مون» بـ«غير المبرر».

وجاءت هذه الغارات في إطار موجه من الانتهاكات لاتفاق دولي، من المفترض، أنه لا يزال ساريا منذ عقده قبل شهرين، برعاية أممية ودولية، تحدد أطرافه بشكل أساسي في الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعم المعارضة السورية، وروسيا التي تدعم النظام السوري.

وبحسب الدفاع المدني في حلب، فإن المدينة شهدت حتى صباح أمس، ‏260 غارة جوية وسقوط 110 قذيفة مدفعية و18صاروخاً و65 برميلاً متفجّراً، ما أسفر عن مقتل 106رجلا و43 سيدة و40 طفلاً.

يذكر أن مجلس الأمن الدولي اعتمد، بالإجماع، في 26 فبراير/شباط الماضي، قرارا أمريكيا روسيا، حول «وقف الأعمال العدائية» في سوريا، والسماح بـ«الوصول الإنساني للمحاصرين».

واعتبر رئيس الائتلاف السوري المعارض، «أنس العبدة»، أن التصعيد العسكري من قبل النظام في حلب، ومناطق أخرى، يأتي «هروبا من استحقاقات تتعلق بالانتقال السياسي».

وكانت الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن المعارضة السورية، أعلنت يوم 18 أبريل/ نيسان الجاري، تأجيل مشاركتها في جلسات المفاوضات غير المباشرة التي بدأت في 13 من الشهر نفسه بمدينة جنيف السويسرية، احتجاجاً على التصعيد العسكري الذي تقوم به قوات «بشار الأسد»، وتعرض الهدنة لخروقات، وعدم إحراز تقدم في ملف المعتقلين، وعدم الاستجابة لجوهر القرارات الدولية، مؤكدةً عدم العودة إلى جنيف في حال لم تحدث تغييرات على الأرض في ما يخص هذه الأمور.

 

المصدر | الخليج الجديد + وكالات

  كلمات مفتاحية

حلب تحترق سوريا بشار الأسد روسيا

«الجامعة العربية» تعقد اجتماعا طارئا الأربعاء المقبل لبحث الوضع في حلب

«التعاون الخليجي» يحمل «الأسد» مسؤولية جرائم حلب ويدعو مجلس الأمن للتدخل

«حلب تحترق»: تواطؤ الأعداء وصمت الأصدقاء .. حالة ”يتم“ غير مسبوقة ولا يأس من روح الله

مليون ونصف تغريدة حمراء.. السعودية وتركيا والجامعة العربية يدينون مجزرة حلب

30 قتيلا في قصف روسي «متعمد» لمستشفى في حلب السورية

حلب يدمرها القتلة .. ماذا بعد؟

بابا الفاتيكان يدعو أطراف النزاع في سوريا إلى احترام وقف إطلاق النار

وزير خارجية قطر يبحث مع نظرائه السعودي والأمريكي والألماني الوضع بحلب

تجدد القصف على حلب والمعارضة تعيد تشكيل غرفة عمليات «جيش الفتح»

خلال لقاء مع «كيري»..«الجبير» يتهم قوات «الأسد» بـ«انتهاك» كل القوانين الإنسانية

دبلوماسي إيراني يشكر «السيسي» لدعمه السياسي والعسكري لنظام «الأسد»

«الجبير»: النظام السوري وروسيا يمارسان تطهيرا عرقيا في حلب

زملاء الطبيب «وسيم معاذ»: من سينقذ أطفال حلب بعده من قذائف «الأسد»؟

«سيلفي الجثث».. إدانة بريطانية وإماراتية وغضب إلكتروني: أبشع وأقذر صورة

«الأسد» يعد بالـ«النصر النهائي» في حلب وينتهك «التهدئة»