قال «البنك الدولي» و«صندوق النقد الدولي» أن التراجع في أسعار النفط العالمية سيسهم في دعم نمو الاقتصاد العالمي، وبروز الدول المستوردة للنفط كأكبر مستفيد من هذا الوضع، ومن ثم استفادة الفقراء من هذا الانخفاض.
وفي تقرير نشره على موقعه الإلكتروني، قال البنك الدولي: «إن هبوط أسعار النفط بنسبة 10% من شأنه زيادة الناتج المحلي الإجمالي للدول المستوردة للنفط بنسبة تتراوح بين 0.1 و 0.5 نقطة مئوية»، وذكر أن سعر النفط انخفض بأكثر من 50% منذ أعلى مستوياته التي سجلها في العام 2014، ما يعني توقعات بنمو كبير في اقتصاديات الدول المستوردة للنفط.
الدول المستوردة للنفط تستفيد
وذكر البنك الدولي - في أحدث توقعاته بخصوص النمو العالمي في عام 2015 - أنه يتوقع أن يشهد الاقتصاد العالمي نموا بنسبة 3.2%، وتوقع أن يسهم الانخفاض في أسعار النفط بنسبة 10% في زيادة النمو الاقتصادي للصين، ثاني أكبر الاقتصاديات العالمية بمعدل يتراوح من 0.1 إلى 0.2 نقطة مئوية.
وقال «بلاك روك»، مسئول صندوق إدارة الأصول بالبنك الدولي في توقعاته الخاصة بعام 2015 إن الهبوط في أسعار النفط من الممكن أن يقود إلى نمو بمعدل يصل إلى 0.5 نقطة مئوية في الناتج المحلي الإجمالي للصين.
وفي بلدان أخرى متقدمة أخرى، سيكون في مقدور أسعار النفط المنخفضة أن تقلل من حاجة الحكومات لدعم الوقود، ما سيسهم لا محالة في تقوية أوضاعها المالية، وستشهد الاقتصاديات النامية المستوردة للنفط مثل البرازيل والهند وإندونيسيا وجنوب أفريقيا وتركيا جميعها معدلات تضخم منخفضة وتراجعا في عجز الحساب الجاري بها بفضل أسعار النفط المنخفضة.
الدول المصدرة للنفط تتضرر
وعلي العكس قال البنك الدولي أن الدول المصدرة للنفط سوف تتضرر، والهبوط في النمو من جانب الدول المصدرة للنفط من الممكن أن تكون له تداعيات على الاقتصاديات الناشئة وكذا اقتصاديات الواجهة.
وأفاد تقرير البنك الدولي بأن «تدفق ما يُطلق عليه البترودولار قد عزز السيولة المالية في الأسواق وكذلك ساعد على إبقاء تكاليف الاقتراض عند مستويات منخفضة خلال العقد الماضي»، مضيفا:«إذا ما بقيت أسعار النفط منخفضة، فمن الممكن أن تؤدي إعادة توطين الأصول الأجنبية إلى هروب رؤوس الأموال، وكذا توترات مالية محتملة للدول التي باتت معتمدة على تدفقات البترودولات.«
وفي المستقبل القريب، وفقا للتقرير، قد تحتاج البلدان النامية إلى توظيف إجراءات التحفيز المالي لمساندة النمو، لكن كثيرا من البلدان النامية لديها الآن حيز مالي أقل مما توفر لها قبل عام 2008 حيث استخدمت الحافز المالي خلال الأزمة المالية العالمية، وفي السنوات الأخيرة، ارتفعت مستويات الدين الخاص ارتفاعا ملموسا في بعض البلدان النامية
وبحسب صندوق النقد الدولي فإن كلفة دعم مصادر الطاقة في العالم تبلغ 1900 مليار دولار، أي 2.5% من إجمالي الناتج الداخلي العالمي، وهذه الموارد الإضافية بالنسبة إلى الدول النامية مفيدة جدا في ظروف اقتصادية «غير مريحة».
في المقابل، أوضحت المؤسسة أن تراجع سعر النفط سيرخي بثقله على الأوضاع المالية للدول المصدرة للنفط ونشاطها الاقتصادي.
وقد ذكر خبيران اقتصاديان في صندوق النقد الدولي إنه من المتوقع أن يستمر الهبوط الذي طرأ على أسعار النفط في الآونة الأخيرة، ويساعد على زيادة النمو الاقتصادي العالمي ما يصل إلى 0.7 نقطة مئوية العام القادم.
وقال «أوليفييه بلانشار» كبير الخبراء الاقتصاديين لدى صندوق النقد الدولي و«رابح أرزقي» رئيس فريق بحوث السلع الأولية في الصندوق في المدونة «إجمالا نرى أن هذه دفعة للاقتصاد العالمي».
وأضاف أن الزيادة في معدل نمو الاقتصاد العالمي من جراء هبوط النفط ستتراوح بين 0.3 و0.7 نقطة مئوية فوق خط الأساس لتنبؤات الصندوق للنمو العالمي والبالغ 3.8 %.
ومن المحتمل أن يساعد تراجع أسعار النفط على زيادة نمو إجمالي الناتج المحلي للصين ما بين 0.4 و0.7 نقطة مئوية عن خط الأساس لتقديرات الصندوق والبالغ 7.1% على افتراض استقرار السياسات. وفي عام 2016 قد يؤدي هذا الوضع إلى زيادة إضافية في معدل النمو تتراوح من 0.5 إلى 0.9 نقطة مئوية.
وقال الخبيران الاقتصاديان بصندوق النقد الدولي إن ما بين 65 و80% من هبوط الأسعار يرجع إلى عوامل تتعلق بالمعروض ومن ذلك العودة السريعة غير المتوقعة لإنتاج النفط الليبي واستقرار مستويات الإنتاج العراقي.
وأضاف الخبيران إن انخفاض أسعار النفط أثار أيضا مخاطر على الاستقرار المالي بتأثيره على البنوك التي لها مطالبات على قطاع الطاقة وعملات البلدان المصدرة للنفط. وحذر الصندوق من أن تقلب الأسعار وأسعار الصرف قد يؤدي إلى الإحجام عن المخاطرة على المستوى العالمي.
وقال الخبيران إن «الضغوط على العملات اقتصرت حتى الآن على عدد ضئيل من البلدان المصدرة للنفط مثل روسيا ونيجيريا وفنزويلا، وبالنظر إلى الارتباط المالي بين بلدان العالم فإن هذه المستجدات قد تقتضي زيادة الحذر واليقظة في معظم البلدان».