تداعيات قتال «الدولة الإسلامية» في «عين العرب» على تركيا

السبت 11 أكتوبر 2014 07:10 ص

مع منتصف شهر سبتمبر/أيلول الماضي بدأت قوات «الدولة الإسلامية» هجومها على أطراف مدينة عين العرب «كوباني» ومنذ ذلك الحين تخوض اشتباكات عنيفة في محاولات للسيطرة على المدينة السورية المحاذية تماما للحدود التركية.

وتعد مدينة «كوباني» ذات الأغلبية الكردية ثالث مدينة كردية في سوريا، ويعتبر إقليم «كوباني» الأصغر بين ثلاثة أقاليم كردية تتمتع بالحكم الذاتي أسسها العام الماضي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا وحلفاؤه، كما ويعتبر جزءا مهما من حلم الأكراد في إقامة دولة كردية في المنطقة.

وتقوم حاليا وحدات كردية من قوات الحماية الشعبية «YPG» التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي «PYD»، الذي يعد امتدادا لمنظمة «بي كا كا» المصنفة إرهابيا في تركيا بالدفاع عن المدينة أمام مهاجمي «الدولة الإسلامية».

ومع استمرار القتال يبدو أن القوات الكردية هناك تواجه محنة حقيقية في الصمود أمام المهاجمين، حتى أن أحد المسئولين الأكراد صرح أن المدينة ستسقط دون شك مع نزوح قرابة 300 ألف من سكان المدينة إلى تركيا.

الأمر الجديد يكمن في أن اشتداد وتيرة المعارك جاء بعيد تفويض البرلمان التركي في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الحالي  للجيش بالعمل خارج الحدود التركية عند الضرورة، لكن الحكومة التركية لا زالت تمتنع عن التدخل العسكري في عين العرب.

وقد أثار امتناع الحكومة التركية عن التدخل عسكريا غضب مجموعات من الأكراد داخل تركيا والذين خرجوا في مظاهرات غاضبة وأعمال شغب في عدة مدن تركية أسفرت حتى الآن عن مقتل 35 مواطنا تركيا، كما شهدت أعمال عنف وتخريب في عدة مدن خاصة ذات الأغلبية الكردية منها وقد وصل مداها حتى إسطنبول وأنقرة.

ويرى هؤلاء أن الحكومة التركية تترك الأكراد يواجهون مصير الموت تحت رحمة «الدولة الإسلامية» دون أن تقوم بحمايتهم، وتراوغ من اجل سقوط «كوباني» تماما في أيدي «الدولة الإسلامية»، لكن الحكومة التركية ترى الأمر من منظور معاكس، حيث تقول أنها فتحت أبوابها للاجئين واستقبلت أعدادا ضخمة، وما زالت تقدم مساعدات إنسانية للمناطق المحاصرة.

ومن الأمور العجيبة أن استطلاعا للرأي أجرته شركة «متروبول» التركية في أغسطس/آب الماضي أفاد أنه على الرغم من استهداف «الدولة الإسلامية» للأكراد في المنطقة، فإن نسبة الذين اعتبروه تنظيمًا إرهابيًا بين أنصار حزبي السلام والديمقراطية والشعوب الديمقراطية تبلغ 59% فقط، كما أن الأمر العجيب الآخر هو أن حزب الشعوب الديمقراطية الكردي الذي رفض التصويت على قرار تفويض الجيش في البرلمان هو من يقف اليوم خلف المظاهرات المطالبة بالتدخل العسكري لحماية الأكراد في «كوباني».

لكن أحد الأسباب وراء ذلك هو أن المناصرين لحزب العمال الكردستاني كانوا يخشون من دخول الجيش التركي إلى مناطقهم وعدم خروجه منها مستقبلا أو تهديد طموحاتهم على الأقل، لكن السيطرة الميدانية لـ«الدولة الإسلامية» في «كوباني» واقترابها من إذابة طموحاتهم جعلهم يلجؤون لدعوة الجيش التركي لإنقاذهم.

غير أن رئيس الوزراء التركي «أحمد داوود أوغلو» الذي وعد بالعمل ألا تسقط «كوباني» كان  قد عنف هؤلاء الذين سكتوا على جرائم «بشار الأسد» خلال السنوات الماضية والتي راح ضحيتها الآلاف، كما أنه ربط الأمر بمدن أخرى قائلا إذا دخلنا لإنقاذ الأكراد في «كوباني» فان التركمان سيسألوننا عن عدم تدخلنا لإنقاذهم في المدن الأخرى.

يزيد الأمر تعقيدا أن توقيت الهجوم جاء في ظل إصرار تركيا على ربط مشاركتها العسكرية بإقامة منطقة عازلة على الحدود السورية وهو وما رفضه حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وما زال محل المشاورات مع الدول الغربية، كما تسعى أنقرة إلى أن تشمل عمليات التحالف نظام الأسد بما يمنع إحرازه لأي تقدم، وهذا من شانه أن يعوق أنقرة من اتخاذ قرارها بالمشاركة.

ويعتقد أن أنقرة تستفيد من الوضع الحالي في «كوباني» من خلال كسر شوكة حزب العمال المناهض لها، كما تجنب نفسها المواجهة الحالية مع «الدولة الإسلامية»، وتصر على موقفها القاضي بإقامة منطقة عازلة.

بالرغم مما سبق فأن أمرا آخر معرض للتأثر وهو انجاز الحكومة التركية نحو تحقيق السلام مع الأكراد والذي قد يتعرض للانهيار خاصة بعد تصريحات «عبدالله أوجلان» الذي أمهل الحومة التركية من سجنه حتى 15 أكتوبر/تشرين الأول من أجل التدخل لإنقاذ «كوباني» وإلا ستتعرض مسيرة السلام للانهيار.

كما يعتبر مقتل 35 شخصا تقريبا ومهاجمة 212 مدرسة و35 مديرية أمن و29 مقرا لأحزاب مخالفة وقرابة 700 مبنى تابعة لبلديات خلال يومين فقط أمرا غير يسير على استقرار الجبهة الداخلية التركية في هذا الوقت الحساس.

لذا من المرجح أن تقوم الحكومة التركية بالعمل على انضباط الجبهة الداخلية وتخفيف الاحتقان خاصة  أن تزايد الاعتداءات من شانها أن تؤدي إلى ردود أفعال من طرف المتعصبين من القوميين الأتراك في ظل وجود قرابة مليون ونصف لاجئ سوري في البلاد، ومن المحتمل أن تسمح تركيا لطلب قوات الزعيم الكردستاني «مسعود البرزاني» بالدخول إلى «كوباني» عبر تركيا استجابة لطلب الأخير ذلك من تركيا.

ومن الجدير بالذكر أن اتفاقية أضنة 1998، التي وقعها «حافظ الأسد»، وضمنتها مصر وإيران، تسمح لتركيا التدخل في سوريا لمواجهة أية تهديدات لأمنها.

تسير الأمور وفق مسارات غير متوقعة تماما مما يجعل الرأي العام المؤيد لـ«حزب العدالة والتنمية» يشعر بقلق إزاء توتر الأجواء خاصة أنها جاءت بعد وقت قليل على إعلان الحزب خطته نحو تركيا الجديدة.

لكنّ مراقبون للشأن التركي، مقربون من الحكومة التركية، يرون أن تمسك تركيا بموقفها من الوضع في سوريا رغم أعمال التخريب والضغوط الإعلامية الداخلية والخارجية يشير إلى أن الحكومة التركية تعرف ما تريد بدقة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

عين العرب تركيا الدولة الإسلامية الأكراد سوريا

تهديد «الدولة الإسلامية» لـ«عين العرب» يختبر صمود الاستراتيجية الأمريكية

بعد نجاحها فى آمرلي: إيران تعرض التدخل في «عين العرب» وتخشى مزاحمة تركيا

«ديمبسي» يتوقع سقوط «عين العرب» والولايات المتحدة ليست مهتمة بحمايتها

أولاند يبلغ أردوغان دعمه لمنطقة عازلة بين تركيا وسوريا .. وغارات أمريكية إماراتية قرب «عين العرب»

داوود أوغلو: تركيا ستسعي لمنع سقوط «كوباني» في يد «الدولة الإسلامية»

تركيا تعتزم إنشاء منطقة عازلة حدودية مع سوريا دون انتظار التحالف الدولي

رئيس أركان الجيش التركي يرفض دعوة نظيره الأمريكي لحضور اجتماع دولي حول «داعش»

«كوباني» ... صورة الإقليم ومحصلته

أردوغان في مواجهة إيران وعبثها ومعضلة سوريا

وزير الدفاع الأمريكي: «كوباني» تمثل مشكلة صعبة والمعركة ضد «داعش» طويلة الأمد

الأكراد يطالبون التحالف الدولي بتكثيف غاراته على «الدولة الإسلامية» في «كوباني»

من أجل «كوباني» أم من أجل «الأسد»؟

تركيا ترفض تحمل مسؤولية التخبط الأمريكي في المشرق

الكاتب الكويتي «فؤاد الهاشم» يدعو دول الخليج إلى دعم حزب العمال الكردستانى

تركيا تسمح للبيشمركة بدعم كوباني والطائرات الأمريكية أسقطت 21 طنا من الأسلحة

سيطرة داعش على منطقة عين العرب يجهض "الفدرالية الكردية "

«أردوغان»: أمريكا أخطأت بإسقاط إمدادات عسكرية جوا للأكراد في «كوباني»

علامات توتر في علاقات أمريكا وتركيا مع نفاد صبر واشنطن

أردوغان: «الاتحاد الديمقراطي» يوافق على دخول الجيش الحر لكوباني

تحذيرات الأسد لجيران سوريا بدأ يتردد صداها في تركيا

الجيش السوري الحر يدخل «كوباني» عبر تركيا

قوات كردية عراقية تدخل سوريا لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية

خوف وكراهية وضريح عثماني في الحرب الباردة بين «الدولة الإسلامية» وتركيا

«الاتحاد الوطني الكردستاني» يشكر تركيا لسماحها بمرور «البيشمركة» إلى «كوباني»

كيف يؤثّر الأكراد في الموقف التركي من «داعش»؟

الحل التركي لأزمة «الدولة الإسلامية»

خيارات تركيا الاستراتيجية بين الشرق والغرب

لماذا تدعم أنقرة «جبهة النصرة» وتهاجم «الدولة الإسلامية»؟

الجيش التركي ينفذ عملية عسكرية داخل سوريا لنقل ضريح «سليمان شاه»