العقارات أكثر استثمارات العرب تضررا من خروج بريطانيا من «الاتحاد الأوروبي»

الخميس 23 يونيو 2016 11:06 ص

تصاعدت وتيرة القلق في بريطانيا من مغادرة «الاتحاد الأوروبي» مع تزايد الاستقطاب بين القوى السياسية في البلاد، في الوقت الذي تتزايد فيه التحذيرات من الانعكاسات الاقتصادية لخروج بريطانيا، حيث تقول العديد من التقارير إن انهيارا محتملا قد يواجه قطاع العقارات الذي يستقطب أعدادا كبيرة من المستثمرين من مختلف أنحاء العالم بما في ذلك كبار المستثمرين الخليجيين.

ويعتبر القطاع العقاري في بريطانيا واحدا من أهم القطاعات الجاذبة للمستثمرين الأجانب من مختلف أنحاء العالم، خاصة في أعقاب تماسك أسعار العقارات خلال الأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأت أواخر العام 2008، وخلال أزمة الديون السيادية الأوروبية التي نشبت في أواخر العام 2010.

ويعتبر المستثمرون الخليجيون الأهم بالنسبة لقطاع العقارات في بريطانيا، حيث تمتلك صناديق استثمار سيادية وخاصة، ومحافظ استثمارية كبرى، أضخم العقارات وأغلاها ثمنا في وسط العاصمة البريطانية لندن، في الوقت الذي تتحدث فيه العديد من المصادر في السوق عن قلق في أوساط المستثمرين الخليجيين من انهيار في الأسعار في حال خرجت بريطانيا من «الاتحاد الأوروبي».

وقال وسيط عقاري عربي يعمل في وسط لندن، إن حركة الشراء من المستثمرين الخليجيين تباطأت بصورة واضحة منذ عدة شهور، فضلا عن أن السوق عموما يشهد ركودا بانتظار تحديد مصير العلاقة بين بريطانيا و«الاتحاد الأوروبي»، على حد تعبيره.

وبحسب «الوسيط» الذي طلب عدم نشر اسمه فان مستثمرين خليجيين كبار كانوا في مثل هذا الوقت من كل سنة يتزاحمون بحثا عن فرص عقارية في لندن، إلا أن حالة القلق والإحجام باتت واضحة العام الحالي.

وأظهر تقرير صادر عن شركة «نايت فرانك» العقارية، أن أسعار العقارات في المناطق الساخنة بوسط لندن والتي تعتبر وجهة للمستثمرين الخليجيين هبطت خلال عام واحد بنسب تتراوح بين 3.5%، و7.5%، مشيرا التقرير إلى أن مناطق مثل «نايتسبريدج» و«ساوث كينزينغتون»، و«تشيلسي» هي الأكثر تأثرا، وهي المناطق الأغلى في لندن على الإطلاق، وربما تتضمن أغلى الأسعار على مستوى القارة الأوروبية بأكملها.

وبحسب تقرير منشور في بريطانيا، فإن 20% من مشتري العقارات لأغراض الاستثمار والتأجير  (buy to let)خلال العام 2015 كانوا من دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو ما يكشف حجم الاستثمارات الخليجية الضخمة في بريطانيا.

وإلى جانب التدهور المتوقع في سوق العقارات البريطاني في حال الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، فان التقديرات تشير الى هبوط حاد في سعر صرف الجنيه الإسترليني، حيث تقول أحدث التوقعات بأن العملة البريطانية سوف تهوي بنسبة تصل إلى 20% أمام العملات الأخرى في حال غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي، وهو ما سيؤثر تبعا لذلك على مختلف القطاعات الاقتصادية في البلاد.

وبحسب صحيفة «الاقتصادية»، أوضح الدكتور «مراد حسن» أستاذ اقتصادات الشرق الأوسط والمحاضر الزائر في جامعة لندن، أنه إذا ما افترضنا أن نتيجة الاستفتاء حسمت لمصلحة سيناريو البقاء فالمشهد الاقتصادي مع العالم العربي لن يتغير كثيرا، ولكن إذا فاز معسكر الداعيين للخروج من «الاتحاد الأوروبي»، فإننا سنشهد تغيرات ملموسة في العلاقات الاقتصادية بين بريطانيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وأضاف أنه من المتوقع هو أن تقوم أوروبا باتخاذ إجراءات متشددة تجاه بريطانيا يمكنا وصفها بالعقابية إذا ما غادرت لندن الاتحاد، وأحد أبرز أشكال العقاب المتوقعة هي خفض الواردات الأوروبية من بريطانيا، وهذا سيتطلب من الشركات البريطانية البحث عن أسواق جديدة، فإذا أخذنا في الاعتبار تراجع معدلات النمو في الصين، فإن الشركات البريطانية ستبحث عن أسواق جديدة غالبا ستكون الهند وشمال إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط وتحديدا الأسواق الخليجية.

وأشار «حسن» إلى أنه من غير المتوقع أن يحدث تغير حقيقي في نمط أو معدل الصادرات العربية لبريطانيا، وإنما يتوقع زيادة الواردات العربية من المملكة المتحدة، خاصة إذا قدمت بريطانيا مميزات تجارية للمستوردين العرب والخليجيين، فقيمة الصادرات البريطانية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بلغت العام الماضي 20 مليار دولار، أما الواردات فلم تتجاوز 12 مليار دولار، ومن ثم فالميزان التجاري في مصلحة بريطانيا، وربما يزداد إذا ما تعززت علاقتها التجارية مع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إذا غادرت «الاتحاد الأوروبي».

ولفت إلى أنه بالنسبة للودائع المالية العربية في المصارف البريطانية فإنه من غير المتوقع أن يتم سحبها، لأن لندن ستظل -حتى في حالة الخروج من الاتحاد- مركزا ماليا عالميا، ولن تفلح حتى العقوبات الأوروبية المتوقعة أن تنال من مكانتها المالية، بل يمكن للودائع العربية في المصارف البريطانية أن ترتفع قيمتها إذا تواكب الانسحاب من «الاتحاد الأوروبي» مع موجة من الكساد الاقتصادي، أو قيام الأوروبيين بسحب رؤوس أموالهم من بريطانيا، أو تراجع حد في قيمة الاسترليني، فإذا حدث أي من تلك الاحتمالات الثلاثة أو حدثت جميعا، فلن يكون أمام بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) غير زيادة معدلات الفائدة في المصارف البريطانية، كوسيلة فعالة لجذب المزيد من الودائع المالية للنظام المصرفي البريطاني.

وأوضح «إدوارد تشارتون»، أن الجزء الأكبر من الاستثمارات العربية المباشرة في بريطانيا ينصب على القطاع العقاري، وسيتوقف الأمر على مقدار التراجع في قيمة العقارات البريطانية، فإذا صدق ما تنبأ به وزير المالية «جورج أوزبورن» من أن قيمة العقارات ستتراجع بنحو 18%، فلربما يدفع ذلك بعدد من المستثمرين العرب إلى مغادرة السوق البريطانية، لقناعتهم بأنها حتى في حالة تحسن الأسواق مستقبلا، فلن تكون قادرة على تعويض تلك النسبة من الخسائر، وسيكون من الأفضل بالنسبة لهم في تلك الحالة تصفية استثماراتهم في بريطانيا، وإعادة استثمار أموالهم في اقتصادات أخرى بعائد أعلى، ولكن إذا انخفضت أسعار العقارات بما يراوح بين 1 و4% فإن المستثمرين العرب سيتحملون الخسائر في المديين القصير والمتوسط على أمل تعويضها في المدى الطويل.

وقال إنه من المؤكد إذا لم تنسحب الاستثمارات العربية من بريطانيا، حتى مع خروج المملكة المتحدة من عضوية «الاتحاد الأوروبي»، فأننا لن نشهد خلال السنوات الثلاث المقبلة على الأقل زيادة في الاستثمارات العربية في بريطانيا، إذا سيكون هناك حرص مفرط وتأن شديد بشأن جدوى الاستثمار هنا، خاصة إذا أدى الخروج من عضوية الاتحاد إلى موجة من الركود الاقتصاد في بريطانيا.

وتوقع البروفيسور «جون آركيل» أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة ليدز أن خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد ربما يعزز الاستثمارات البريطانية في بلدان «مجلس التعاون الخليجي»، موضحا أن الشركات البريطانية لا شك ستمر بمرحلة ارتباك إذا ما كانت نتيجة الاستفتاء الانسحاب من «الاتحاد الأوروبي»، فلن تكون لديهم معرفة بطبيعة القوانين المنظمة لعلاقتهم بـ«الاتحاد الأوروبي»، وسيكون عليهم البحث عن مناطق استثمارية جديدة، ومنطقة الخليج العربي ستكون منطقة مثيرة للاهتمام، خاصة في ضوء العلاقات الاقتصادية المميزة بين المملكة المتحدة وبلدان الخليج العربي، وربما يعد القطاع المصرفي وقطاع الطاقة سواء النفطية أو المتجددة أبرز القطاعات الاقتصادية البريطانية التي يمكن أن تنقل نشاطاتها الاقتصادية إلى منطقة الخليج.

وقال إن هذا يجب ألا يدفعنا إلى تفاؤل غير واقعي، بأن الطرفين البريطاني والخليجي سيوقعان اتفاقية تجارة حرة، لأن الأولوية بالنسبة للمملكة المتحدة توقيع اتفاقيات تجارية مع «الاتحاد الأوروبي» بحلول منتصف عام 2018.

ومع هذا، فإن بعض المختصين في مجال الاستثمارات الدولية يشيرون إلى تداعيات مختلفة لانسحاب بريطاني من النادي الأوروبي على اقتصادات الشرق الأوسط.

وفي هذا السياق قال «مارك بوفيز» الاستشاري في مجموعة «ألن آند دويل» للاستثمار، إنه في حالة خروج بريطانيا فإن قيمة الإسترليني واليورو ستتراجع بقوة في مواجهة الدولار، ولأن اقتصادات بلدان «مجلس التعاون الخليجي» تعتمد على النفط الذي يقيم في الأسواق الدولية بالدولار، فإنها ستكون في وضع نسبي أفضل، وستستطيع القيام بعملية شراء أصول بريطانية أو الاستثمار في بريطانيا بشكل أفضل نظرا لقوة الدولار في مواجهة الإسترليني.

وأشار «بوفيز» إلى أن هناك جانبا سلبيا آخر يمكن أن يؤثر في القدرة الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وعلاقاتها مع بريطانيا، ويتمثل ذلك في أن يؤدي خروج بريطانيا إلى هزة اقتصادية عالمية تدفع في اتجاه المزيد من الركود التجاري والمالي العالمي، ففي هذا الحالة ربما تتآكل أو تضعف القدرة المالية العربية عن القيام بدور حقيقي للاستثمار في بريطانيا، لأن الاقتصاد البريطاني لربما يفقد جزءا كبيرا من جاذبيته الاقتصادية في هذه الحالة.

وفتحت مراكز الاقتراع، اليوم الخميس، أبوابها في أنحاء بريطانيا أمام الناخبين للتصويت في استفتاء تاريخي على بقاء أو خروج بريطانيا من «الاتحاد الأوروبي»، وأظهرت استطلاعات الرأي تقاربا بين فريقي المؤيدين والمعارضين للبقاء.

ومن المقرر أن تعلن النتيجة الرسمية بعد الساعة السادسة من مساء الجمعة، لكن النتائج الجزئية وأرقام معدلات المشاركة من 382 مركز إحصاء ستعلن اعتبارا من الساعة الواحدة من صباح الجمعة.

يشار إلى أن مصير رئيس الوزراء معلق بنتيجة الاستفتاء، وسيؤدي التصويت بالخروج قطعا إلى مغادرته منصبه رغم أنه قال إنه سيبقى، لكن حتى التصويت بالبقاء في الاتحاد بهامش ضيق سيؤثر على نفوذه وسيختصر مدته.

وقد يؤدي التصويت بالخروج من الاتحاد إلى اضطراب في النقد الأجنبي وأسواق الاسهم والسندات، كما قد يؤدي إلى أزمة سياسية في بريطانيا وتفكك النظام الأوروبي الذي أعقب حقبة الحرب الباردة.

  كلمات مفتاحية

العرب مجلس التعاون الخليجي بريطانيا الاتحاد الأوروبي العقارات

تباين أسواق الأسهم الخليجية قبل استفتاء بريطانيا ومصر تواصل الهبوط

اقتصادي كويتي: الخليج سيتأثر سلبا بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

«دير شبيغل» تطرح سيناريوهات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

«الخروج»..خطر على بريطانيا والاتحاد الأوروبي

إجراءات احترازية لحماية استثمارات كويتية في بريطانيا بـ25 مليار دولار

البريطانيون يختارون «طلاق» الاتحاد الأوروبي.. الإسترليني يهبط و«كاميرون» يستقيل بحلول أكتوبر

«الخروج البريطاني» يصيب أسواق المال بـ«الصدمة».. النفط والأسترليني يتراجعان والذهب يصعد

تركيا: خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بداية تفكك التكتل

آلاف البريطانيين يطالبون عمدة لندن بإعلان استقلالها وضمها للاتحاد الأوروبي

‏خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يهدد ⁦‪ نجوم الدوري الإنجليزي

«كاميرون» يشرح لقادة أوروبا موقف بلاده خلال اجتماع في بروكسل الأربعاء

«موديز» تخفض نظرتها المستقبلية لبريطانيا من مستقرة إلى «سلبية»

السعودية تجري تعديلات على الأصول المقومة بالإسترليني واليورو

900 مليار دولار خسائر البورصات الأمريكية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

السعودية والإمارات تقللان من تأثير خروج بريطانيا من «الاتحاد الأوروبي» على مصارفهما

السفير البريطاني لدى الدوحة: تسهيلات جديدة لسفر القطريين

«البترول الكويتية» تواصل سحب استثماراتها من بريطانيا وتتوسع في أوروبا

«ستاندرد آند بورز» و«فيتش» تخفضان تصنيف بريطانيا بعد خروجها من «الأوروبي»

«بوريس جونسون» وزير خارجية بريطانيا.. «لص بغداد» ذو الأصول الإسلامية