مشاركة قوات الحشد الشعبي في القتال ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» جعل منها قوة ذات شعبية بين الأغلبية الشيعية في العراق، الأمر الذي جعلها في منافسة مع الجيش العراقي، ويجعل منها قوات مسلحة تسير على خطى الحرس الثوري الإيراني.
«بعض العراقيين يعتقدون بسعي جماعات الحشد الشعبي إلى تشكيل قوة نخبة، أقرب إلى الحرس الثوري الإيراني وهو أقوى من جيش الدولة»، هذا ما خلصت إليه الصحفية أريكا سولومون في حديثها من بغداد لصحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية.
وتتحدث الصحفية عن «هادي العامري» والذي تصفه بأنه «رئيس إحدى الجماعات شبه العسكرية الشيعية الأقوى في العراق»، مؤكدة أن نجمه آخذ في الارتفاع، وتلك القوات «أصبحت في مرتبة الأبطال بين الأغلبية الشيعية في البلاد».
وتوضح أن «بعض السياسيين العراقيين، فضلا عن الدبلوماسيين الغربيين، يخشون من قيام زعماء الحشد بتشكيل كتلة سياسية ناجحة، فدور سياسي لأولئك القادة قد يفاقم التوترات الطائفية في البلاد، فهم باتوا يمثلون رأس القوة الشيعية، فيما يتهم السنة وجماعات حقوق الإنسان الدولية، قوات الحشد الشعبي بالمسؤولية عن عمليات القتل والخطف والسلب والنهب على نطاق واسع».
وتضيف أن «العامري، رئيس منظمة بدر المدعومة من إيران، ليس جديدا على المشهد السياسي. وكان وزيرا في الحكومة العراقية 2010-2014 وواجه تهما من قبل منتقديه بالفساد؛ لكنه اليوم، وعلى الرغم من انخفاض رتبته السياسية الرسمية بصفته عضواً في البرلمان، يبدو أكثر قوة من أي وقت مضى... فملصقاته وهو في ساحة المعركة، والبعض منها يظهر وجهه وقد ارتفع من خارطة العراق، باتت تتوزع الشوارع في بغداد، كما ويتولى قيادي في بدر وزارة قوية هي الداخلية».
وتنقل الصحفية عن «العامري» قوله إن «كل زعيم سياسي عراقي تقريبا، سواء كان من السنة أو الشيعة، لديه الآن قواته شبه العسكرية الخاصة به»، موضحا «ليست هناك كتلة واحدة ليس لديها قوة حشد لكنهم غير فاعلين مثلنا، وبالتالي فإن الكلام يتركز علينا».
معركة استعادة الموصل والحشد الشعبي
«العامري»، وفقا لوصف الصحفية، يجلس في غرفة جلوس مزينة بالأرائك المخملية والخلفية اللامعة في المنطقة الخضراء في بغداد، معتبرا «إصلاحات رئيس الوزراء العبادي كذبة، ولن تنقذ الاقتصاد العراقي من الفشل».
ويصر «العامري» على أن قوات الحشد ستشارك في «معركة استعادة الموصل» من «الدولة الإسلامية»، على الرغم من الاعتراضات من قبل قادة الجيش العراقي وقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، «خشية تجاوزات الميليشيات»، مؤكدا «في المعركة من أجل الموصل، سوف نلعب دوراً أساسيا عبر استراتيجية عزل وتطويق المدينة». وتعهد بعدم دخول الحشد إلى الموصل، حيث سيتولى المقاتلون المحليون وقوات الأمن الحكومية دخول المدينة وتحريرها.
أمريكا والحشد الشعبي
ويؤكد «العامري» إن «عدم الثقة الأوروبية والأميركية في الحشد الشعبي ينبع من التمييز ضد الشيعة»، لكنه يثني على انتقادات الرئيس الأميركي «باراك أوباما»، لسياسة المملكة العربية السعودية، موضحا «أنا لا أتفق مع السياسات الأميركية لكن أوباما اتخذ المواقف الصحيحة».
وعن زيارة القنصل الأميركي في البصرة مقاتلي الحشد الشعبي الجرحى، قال ا«لعامري»: «أملي هو أن يكون ذلك مؤشرا على تغيير في السياسات، بحيث يتعاملون (الأميركيون) مع الحشد كقوة رسمية».
يذكر أن ميليشيا «الحشد الشعبي» تشكلت في العراق في 13 يونيو/حزيران 2014 لمواجهة هجمات تنظيم «الدولة الإسلامية»، وتعد قوات شبه عسكرية تنتمي إلى المكون الشيعي ظهرت في المشهد العراقي بعدما أفتت المرجعية الدينية الشيعية العليا بالعراق «بالجهاد الكفائي».