«ذي إيكونوميست»: انقلاب الحوثي يعزز عدم الاستقرار في اليمن

الأحد 25 يناير 2015 01:01 ص

قام المتمردون الحوثيون بتنفيذ إنقلاب بكل ما تحمله الكلمة من معنى باستثناء الاسم فقط.

«لقد حان الوقت لنقول وداعًا للرئيس هادي»؛ هكذا قال أحد سكان العاصمة اليمينة صنعاء بعد سيطرة المتمردين الحوثيين على مقر إقامة الرئيس «عبد ربه منصور هادي» يوم 20 يناير واضعين إياه تحت الإقامة الجبرية. وفي الواقع؛ فإن معظم اليمنيين الذين كانوا مجرد مراقبين للمعركة المسلحة بين جماعات متنافسة من أجل السيطرة على العاصمة أعلنوا وداع الرئيس «هادي» بالفعل قبل أشهر، نظرًا لما كانوا يرونه من تقدم الحوثيين على الأرض واستسلام الجيش. وخرج الحوثيون – الذين هم في الغالب من الشيعة - من المعقل الشمالي في عام 2011م. وبحلول سبتمبر من العام المنصرم كانوا قد قطعوا شوطًا كبيرًا في صنعاء مستغلين فراغ السلطة في البلاد ومُنخرطين في السياسة الشعبوية وبدأوا شن هجمات في توقيتات مُختارة بعناية.

وكما نشرت «ذي إيكونوميست» فأن هادي كان لا يزال رئيسا قبل استقالته، ولكن بصعوبة. وكان تحت رحمة رجل واحد هو «عبد الملك الحوثي»- قائد حركة التمرد القادمة من الشمال. وفي اتفاق تم التوصل إليه في 21 يناير تعهد الحوثيون بالانسحاب من القصر الرئاسي والمواقع الرئيسية الأخرى مقابل الموافقة على تحقيق الكثير من مطالبهم؛ بما في ذلك المزيد من صلاحيات تعيين مسئولين. وفي الواقع؛ فإن كثيرين يرون أن «هادي »- الحليف القوي للولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية – بات بلا فائدة الآن وأصبح مجرد رئيس دُمية.

وقد تمّ تعجيل القتال الأخير قبل الانتهاء من مشروع الدستور الجديد الذي يقول الحوثيون إنه يكرس نموذج الدولة ذات المناطق الست التي يعارضونها على أساس أنه سيُضعف البلاد. وفي الــ 17 من يناير خطف مسلحون من عناصر الحوثي قائد الأركان «أحمد عوض بن مبارك» وهو في طريقه للقاء الهيئة الوطنية المُكلفة بالتصديق على الدستور. وتمّ –سابقاً- بموجب اتفاق السلام إسقاط هيكل المناطق الست من الدستور.

لكن البعض يرى مبرر الحوثيين ذريعة مستترة لانتزاع السلطة. ومن الأمور التي تميّز الحوثيين توقيع اتفاقات السلام لطي صفحة التنازلات التي حصلوا عليها من أطراف أخرى ومن ثم استئناف العمل المسلح. وظهرت عناصر المتمردين الحوثيين بعد هذه الجولة مُحصّنين بأسلحة إضافية حصلوا عليها من المخزونات الموجودة داخل القصر الرئاسي.

وتشكّل الحركة التي خرجت من رحم الطائفة الزيدية الشيعية وعانت التهميش لفترة طويلة في السابق حوالي 40٪ من سكان اليمن، وحارب الحوثيون ضد الجيش في محافظة صعدة الشمالية بين عامي 2004 و 2010م. وفي وقت لاحق؛ سيطرت الحركة التي تُطلق على نفسها اسم «أنصار الله» على السلطة عن طريق التحالف مع الموالين للرئيس السابق «علي عبد الله صالح» الذي أُطيح به في انتفاضة شعبية في عام 2011م. وقد شكلت الحركة بالتعاون مع أنصارها في صنعاء «لجان شعبية» تجوب شوارع العاصمة صنعاء في الوقت الراهن. وتقول مصادر في العاصمة إن القتال ضد الحكومة يقوده أعضاء سابقون في الحرس الجمهوري؛ وهي وحدة النخبة العسكرية التي قادها «أحمد علي صالح» - نجل الرئيس المخلوع - حتى عام 2013م.

جدير بالذكر أن هناك الكثير من اليمنيين الذين يرفعون نفس شكايات ومظالم الحوثيين. وتشمل هذه الشكاوى الفقر والفساد؛ والتي لا يتوقف الحديث عنها من ثورة 2011م ولكن دون علاج. ولكن ما يخشاه الناس الآن في اليمن هو استمرار القتال بصورة تُفقد الأمل في وضع نهاية له كما هو الحال في دول أخرى بالمنطقة.

ووُلدت حالة عدم الاستقرار في اليمن من رحم المنافسات الداخلية الطويلة التي تتفاقم جرّاء التنافس بين المنافسين الإقليميين، المملكة العربية  السعودية التي تدعم الحكومة، والجمهورية الإيرانية التي يُقال إنها تدعم الحوثيين. ووجد الحوثيون أن السياسة «تستغرق وقتًا طويلاً فضلاً عن كونها أداة غير فعالة مقارنة بما يحملوه من أسلحة»؛ بحسب «فارع المسلمي» كاتب عمود من اليمن. وقد سمح هذا التحدي من الحوثيين أيضًا بعودة تجمع القاعدة في جزيرة العرب؛ والتي كان الجيش قد حقق تقدمًا كبيرًا على حسابها.

وجمّدت المملكة العربية السعودية العام الماضي كل التمويل الذي كانت تساعد به اليمن ردًا على استيلاء الحوثيين على صنعاء، ودفعت الولايات المتحدة لفرض عقوبات أُممية ضد كبار القادة العسكريين الحوثيين. وأصدر مجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع بيانًا بالإجماع أعلن فيه عن دعم الرئيس «هادي»، ورغم ذلك فإن الرغبة في التدخل لدعمه ضئيلة ولا تكاد تُذكر. وفي المقابل؛ فإنه من المرجح أن تزداد عزلة الحوثيين، ويدخل الاقتصاد في مزيد من عدم الاستقرار، ما يجعلهم غير قادرين على إدارة اليمن. وهذا من شأنه أن يعزز على الناحية الأخرى موقف الانفصاليين في الجنوب اليمني والقاعدة في جزيرة العرب؛ والذي أعلن مسئوليته عن الهجوم الذي وقع في باريس ضد مكاتب «شارلي إبدو» في وقت سابق من هذا الشهر. ولن تكون عواقب عدم الاستقرار في اليمن حبيسة حدودها بل ستمتد إلى ما ورائها.

المصدر | ذي إيكونوميست

  كلمات مفتاحية

اليمن استقالة هادي ميليشيات الحوثيين

استقالة الرئيس هادي تدفع اليمن نحو المجهول

الرئيس اليمني يعلن استقالته: عانينا من «خذلان فرقاء العمل السياسي»

«التجمع اليمني للإصلاح» يدعو ميليشيات الحوثيين إلى تسليم الممتلكات التي استولوا عليها

اليمن بحالة غليان .. النظام السابق يسعى لتشكيل مجلس عسكري وإعلان حالة الطوارئ

الحرب الأهلية والانهيار الاقتصادي على أبواب صنعاء

اليمن الحزين !

ميليشيات الحوثيين تفض تظاهرات احتجاجية في صنعاء بالرصاص

مرجع ديني حوثي: ”الثورة اليمنية“ استلهمت نهجها من الثورة الإسلامية الإيرانية

لماذا يجب على الولايات المتحدة أن تمد يد المصالحة إلى الحوثيين؟

الحوثي يبحث عن غطاء سياسي

اليمن السعيد.. والغرق في الوعيد

الثورة الجديدة للشباب اليمني

ميليشيات الحوثيين يمنعون السفراء من مغادرة اليمن

حزب الإصلاح: الحوثيون سيسلموا مقراتنا ويطلقوا المحتجزين في صنعاء خلال ساعات

9 فصائل يمنية توافق على تشكيل «مجلس رئاسي مؤقت» يدير البلاد لمدة عام

الأحزاب اليمنية ترفض «الإعلان الدستوري» .. ومجلس الأمن يهدد بعقوبات ما لم تستأنف المفاوضات

«عبدالملك الحوثي»: «الإعلان الدستوري» خطوة شرعية وسنتصدي لأي محاولة ضدها

اتحاد علماء المسلمين يندد بالإعلان الدستوري الذي أصدره الحوثيون ويعتبره انقلابا عسكريا

«هادي» يتمسك باستقالته و«منظمة التعاون الإسلامي» تدين «انقلاب الحوثيين»

دول الخليج تصف استيلاء «الحوثيين» على اليمن بــ«الانقلاب»

اليمن: اتفاق مبدئي لتشكيل مجلس رئاسي والإبقاء على البرلمان .. و«الحوثي» يتمسك بحله

اليمن: خيار زائف للعدل

مسلحون معارضون للحوثيين يسيطرون على مؤسسات حكومية في عدن .. واليابان تغلق سفارتها

مجلس الأمن يشيد بعودة «الرئيس الشرعي» في اليمن إلى التحرك بحرية

«بيزنس إنسايدر»: اليمن يتجه نحو سيناريو مُركّب ”عراقي سوري ليبي“