العلاقات السعودية التركية.. تقارب استثنائي متصاعد بتشجيع من الملك «سلمان» و«أردوغان»

الثلاثاء 29 ديسمبر 2015 07:12 ص

تكتسب زيارة الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، التي يبدأها اليوم الثلاثاء، للمملكة العربية السعودية، أهمية خاصة لما للزيارة من وقع إقليمي ودولي استصحابا لوتيرة الأحداث والمتغيرات الجيوسياسية السريعة، التي تمر بها المنطقة، ولكونها تأتي في إطار تبادل وجهات النظر في مجمل تلك الأحداث، خاصة فيما يخص ما يجري على الساحتين اليمنية والسورية من صراع تتطابق حولها رؤية البلدين إلى حد كبير، ولما له من تأثير على مستقبل المنطقة برمتها.

كما تمثل الزيارة تدشين عهد جديد للعلاقات المتينة والتاريخية، التي تجمع البلدين، بما تمثلان من ثقل دولي وإقليمي وإسلامي.

وتأتي على رأس الملفات التي سيناقشها قادة البلدين، الأحداث في اليمن، خاصة تأكيد دعمهما لشرعية حكومة الرئيس «عبدربه منصور هادي»، والذي كان قد أكده الرئيس «أردوغان»، بإعلانه تأييد الموقف السعودي المتمثل في «عاصفة الحزم»، وضرورة دعم شرعية الحكومة اليمنية المنتخبة فيها.

إلى جانب ذلك تطابق رؤية البلدين في حتمية رحيل نظام الرئيس «بشار الأسد»، والتأكيد على الحل السياسي للقضية، مع المحافظة على سيادة ووحدة التراب السوري، وحق شعبه في الحرية والكرامة والعدالة، وتحفظهما على التدخل الروسي المباشر إلى جانب نظام «الأسد» والذي سيطيل أمد المشكلة بما يهدد الأمن والسلام في المنطقة.

كما يمثل ملف الإرهاب الذي ضرب المنطقة بقوة ويهدد المنطقة برمتها، حضورا في هذا اللقاء، لما له من انعكاسات سالبة على أمن البلدين ومستقبل الاستقرار في المحيط الإقليمي.

يذكر أن العلاقات بين المملكة العربية السعودية وتركيا، قد مرت عبر عهود طويلة بمراحل تطور عديدة على مدى سنوات مضت (بدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 1929) وشهدت توافقا في معظم قضايا المنطقة والعالم.

وتمثل توقيع اتفاقيات عديدة، منها واحدة للصداقة والتعاون بينهما أسسا متينة لقواعد هذه العلاقة، ودعمها في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية كافة.

واتسمت مواقف البلدين بالتنسيق والتشاور وتبادل الآراء فيما يخص تطوير العلاقات بينهما بما تخدم مصالح الأمة الإسلامية، من خلال الزيارات المتبادلة، أو داخل الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية.

وبذل البلدان جهودا مكثفة لنصرة الشعب الفلسطيني، والوصول إلى تسوية عادلة للنزاع العربي الإسرائيلي، كما أن لهما دورهما الفاعل في منظمة المؤتمر الإسلامي.

والتقت مواقف البلدين في مواجهة آفة الإرهاب بصوره وأشكاله كافة ، والذي سيكون واحدا من الملفات المهمة التي سيناقشها الرئيس التركي مع مستضيفه خادم الحرمين الشريفين الملك «سلمان.

وكانت الزيارة التي قام بها الملك الراحل «عبدالله بن عبدالعزيز»، إلى تركيا (8 أغسطس/آب 2006) نقطة انطلاقة حقيقية، وتجديدا لأواصر الصلات القديمة والتاريخية بين السعودية وتركيا، حيث كان من ثمار هذه الزيارة التوقيع على ست اتفاقيات ثنائية بين المملكة وتركيا.

ففي المجال الاقتصادي، شهدت العلاقات السعودية التركية، منذ توقيع اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي والفني عام 1973، تطورا مستمرا تشكلت على ضوئها اللجنة السعودية التركية المشتركة، ومجلس رجال الأعمال السعودي التركي.

واقتصاديا أيضا، يولي البلدان اهتماما واضحا لوضع مسيرة التعاون والتبادل التجاري، على طريقها الصحيح بتبني إستراتيجية طموحة من أجل توسيع قاعدة التعاون الاقتصادي.

فتركيا لديها خطة لإيصال الناتج القومي 2 تريليون دولار، في 2023، بينما تطمح السعودية إلى تقليل اعتمادها الاقتصادي على عائدات النفط بتنويع الصادرات في مجالات أخرى، خاصة مع أجواء التقارب السياسي الذي شهده وصول خادم الحرمين الشريفين، والرئيس «أردوغان» لسدة الحكم في بلديهما، كما أن الفرصة بين البلدين متاحة ومؤهلة للتعاون الاقتصادي في مجالات الطاقة والاستثمار.

ولا شك أن لتنمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتنويع قاعدة التعاون الاقتصادي لتشمل أكبر تشكيلة ممكنة من القطاعات التجارية والصناعية، وتبادل المنتجات المرغوبة في كلتا السوقين، وبالاستفادة من الميزات النسبية في كل دولة، سيصب في تعظيم الدور الإقليمي والدولي للبلدين، خاصة مع التغيرات التي يشهدها الإقليم، ففيما تعتبر تركيا مدخلا لأوروبا، فإن السعودية بلا شكل هي المدخل للخليج باعتبارها أكبر بلد في محيطها والأقوى اقتصاديا.

ويلاحظ في الإطار، ازدياد عدد الشركات التركية العاملة في السعودية بمختلف أحجامها، وبتنوع نشاطات هذه الشركات حيث تتوافر فرص استثمارية في بعض القطاعات ومن أهمها القطاع الصناعي، لكون تركيا تعتبر الآن وبكل المقاييس، دولة صناعية متقدمة مقارنة مع مثيلاتها في المنطقة، وتشهد في ذات الوقت ثورة صناعية في كافة مجالات القطاع الصناعي.

وشهدت الفترة القريبة الماضية توجه أعداد من السعوديين بصفة خاصة لشراء العقارات في تركيا إثر سماح الحكومة التركية للأجانب بالتملك فيها، فيما يزور المملكة سنويا مئات الآلاف من الأتراك بغرض الحج أو العمرة، إضافة إلى العاملين الأتراك في مختلف القطاعات بالسعودية الذين بلغ عددهم أكثر من 100 ألف عامل ومهني وإداري في القطاع الخاص.

هذا وقد زاد حجم التبادل التجاري بين الدولتين عدة مرات خلال السنوات العشر الأخيرة والذي ارتفع من 5 مليارات ريال، إلى 22 مليار ريال في العام المنصرم 2014، أي ما يعادل 5 مليارات دولار.

ومعلوم أن كلا الدولتين تشغلان مركزا متقدما ضمن أهم الدول العشرين في التبادل التجاري على مستوى العالم.

ووفقا لتقارير رسمية صادرة عن وزارة التجارة والصناعة السعودية، فقد بلغ عدد المشاريع المشتركة بين البلدين حوالي 159 مشروعا، منها 41 مشروعا صناعيا، 118 مشروعا في مجالات غير صناعية تختلف باختلاف نشاطاتها، وبرأس مال مستثمر يبلغ مئات الملايين من الريالات.

ويرصد التقرير، تنامي حجم التبادل التجاري بين البلدين في السنوات القليلة الماضية، حيث بلغ  حجمه عام 2011 المنصرم، نحو 21747 مليون ريال، حيث بلغت  صادرات المملكة لتركيا 12555 مليون ريال، ووارداتها من تركيا نحو 9192 مليون ريال ، مقارنة بعام 2006، حيث لم يتعد حجم التبادل آنذاك 10954 مليون ريال، أي أنه زاد بنسبة الضعف خلال خمس سنوات.

وتتولى لجنة حكومية مشتركة بين البلدين، إضافة  لمجلس أعمال سعودي تركي مكون من عدد من رجال الأعمال في البلدين يعملان بصفة مشتركة، عملية دعم وتنشيط وتشجيع العلاقات التجارية بين البلدين.

وفي إطار تمتين ودفع العلاقات وتسريعها، أكدت اللجنة السعودية التركية المشتركة في دورتها الحادية عشرة قبل عامين 2013 بالعاصمة التركية أنقرة، على أهمية العمل من أجل تعزيز العلاقات القائمة والدفع بمستوى العلاقات الاقتصادية والتجارية بهدف رفع مستوى التبادل التجاري.

وأشارت اللجنة إلى التعاون في مجال دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتبادل الخبرات في هذا المجال، مع التأكيد على أهمية التعاون في مجالات المواصفات والمقاييس والخدمات المالية والمصرفية، وزيادة حجم الاستثمارات بين البلدين الصديقين والتعاون في مجالات النقل البري والجوي والبحري والسكك الحديد.

كما شمل التفاهم مجالات التعاون بالقطاع الزراعي والصناعات الغذائية والثروة الحيوانية والتعاون في مجالات الإذاعة والتلفزيون ووكالات الأنباء بين البلدين الصديقين وتفعيلها والمشاركة في المعارض والفعاليات الثقافية في كلا البلدين، إضافة إلى التعاون في مجالات السياحة والآثار.

وفي سبيل الاستفادة من إمكانات الدولتين الواسعة في تنويع الصادرات والواردات بينهما، فقد تم توقيع اتفاقية التعاون التجاري، وأخرى للتعاون الفني والاقتصادي.

كما وقع البلدان اتفاقية تبادل الإعفاء الضريبي على دخل الأرباح المستثمرة من النقل البري و النقل الجوي التابعة للبلدين، وتشمل تلك الاتفاقيات تشجيع وحماية الاستثمارات، وتجنب الازدواج الضريبي واتفاقية أخرى لتنظيم عمليات نقل الركاب والبضائع بين البلدين.

ويرى باحثون اقتصاديون ومحللون، أن أوجه التعاون بين السعودية وتركيا أكبر بكثير مما هو موجود الآن، نظرا لما تتمتعان به من آفاق واسعة للتبادل التجاري لقوة البلدين في الساحة الاقتصادية الدولية، حيث يمكن للمملكة أن تمثل شريكا اقتصاديا قويا ومضمونا لتركيا في ظل التقارب بين البلدين، والعلاقات المتميزة التي تصاعدت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك «سلمان»، والرئيس «أردوغان» الذي يسعى لتعزيز علاقات بلاده مع المحيط الإقليمي والدولي.

  كلمات مفتاحية

السعودية تركيا الملك سلمان العلاقات السعودية التركية

ما الذي ينتظر أن يحمله «أردوغان» خلال زيارته إلى السعودية؟

«أردوغان»: العلاقات السعودية التركية ستشهد تطورا لم يسبق له مثيل

«أردوغان» يزور السعودية الثلاثاء تلبية لدعوة الملك «سلمان»

مسؤول تركي: تطور إيجابي في العلاقات السعودية التركية

«أردوغان» يلتقي الملك «سلمان» في أنطاليا قبل قمة العشرين

محللون: اتفاقية السلاح السعودية التركية خطوة «كبيرة» لتحسين العلاقات

«أردوغان»: تركيا ستكثف جهودها مع السعودية لحل الأزمة السورية سياسيا

الملك «سلمان» يستقبل «أردوغان» والأوضاع الإقليمية على رأس المباحثات

«الجبير»: اتفقنا مع تركيا على إنشاء «مجلس تعاون استراتيجي»

«أردوغان» يصل جدة لأداء مناسك العمرة

«الحضيف»: كيف تكون «العربية» سعودية وتتجاهل مؤتمر وزيري خارجية المملكة وتركيا؟

فيديو.. «أردوغان» يؤدي العمرة والسلطات السعودية تفتح له باب الكعبة

مستشار ولي عهد أبوظبي يقلل من أهمية التحالف السعودي التركي و«خاشقجي» يتعجب

«أردوغان» ينهي زيارته للسعودية بسبب وفاة صحفي مرافق له

«الجبير»: مجلس التعاون الإستراتيجي مع تركيا يشمل تنسيقا عسكريا وأمنيا واقتصاديا

مجلس التعاون الاستراتيجي التركي السعودي .. هل تكفي سوريا لتعميق العلاقات؟

«أردوغان»: تأسيس مجلس التعاون الاستراتيجي أهم خطوة في العلاقات مع السعودية

التعاون الاستراتيجي بين السعودية وتركيا في وجه التحديات

تركيا تسلم السعودية الدفعة الثانية من نظام تحليل الصور البالستية

«داود أوغلو» يستهل زيارته الأولى إلى السعودية كرئيس للوزراء بأداء «عمرة»

الملك «سلمان» يستقبل «داود أوغلو» في الرياض

«محمد بن نايف» يوجه إمارات المناطق بتسهيل التعامل مع الشركات التركية

تركيا تمنح السعوديين 6 مزايا للاستثمار منها الإعفاء الجمركي وخفض الضرائب

الرياض تقر إنشاء مجلس التنسيق السعودي - التركي

سفير السعودية لدى تركيا: حريصون على إنجاح قمة إسطنبول ونطالب إيران بوقف تدخلاتها

السعودية وتركيا تبحثان إمكانية إنشاء مراكز تجارية بينهما

«جاويش أوغلو»: العلاقات التركية السعودية وصلت مستويات متقدمة

التحالف الخليجي التركي: هل يصمد في بيئة إقليمية مضطربة؟

بالصور.. قوات سعودية تصل تركيا للمشاركة في تدريباتٍ عسكرية بحرية وجوية

6 مليارات دولار استثمارات سعودية بتركيا أكبرها في العقارات

غرفة جدة: ارتفاع نسبة استيراد الخضراوات والفواكه التركية 30%

تركيا تدعو السعوديين للاستثمار في الصناعة والعقارات

ولي العهد السعودي يتلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس الوزراء التركي