مع تأزُّم المفاوضات بين طهران والدول الست المعنية بملفها النووي، يحاول الرئيس الأميركي «باراك أوباما» العمل على «إغراء القيادة الإيرانية بجدوى إبرام اتفاق بعيد المدى»، معتبراً أنه سيحوّلها إلى «قوة إقليمية ناجحة جدًا»، كما لم يستبعد فتح سفارة أميركية في طهران حال إتمام الاتفاق.
وبحسب تصريحات مسؤول أميركي لإحدى الصُحف، فإن فرص التوصل إلى اتفاق بين إيران والدول الست «الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن + ألمانيا» تراجعت بشكل ملحوظ، بعد فشل الجانبين في التوصل لتسوية بحلول 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. واعتبر أن المشكلة تكمن في مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران «علي خامنئي» والأصوليين، بسبب رفضهم شروطًا طرحها الغرب في اتفاق مقترح، تشمل مدته الزمنية وقيود التفتيش على المنشآت الذرية في إيران.
وأقرّ «أوباما» بـ «مخاوف دفاعية مشروعة» لإيران، بعدما «عانت حربًا مروعة مع العراق» (1980-1988)، لكنه انتقد «مغامراتها ودعمها تنظيمات مثل حزب الله اللبناني والتهديدات التي توجهها إلى إسرائيل». وأشار في حديث إلى الإذاعة الأميركية العامة «إن بي آر» إلى أنه حين وصل إلى الحكم عام 2008 «كان المجتمع الدولي منقسماً وكانت إيران في مقعد القيادة»، مستدركًا: «أما الآن فالعالم متحد بسبب الخطوات التي اتخذناها، وإيران معزولة». وانتقد سلوكها الإقليمي، معتبرًا أنها «انخرطت في زعزعة حلفائنا وخطابها معادٍ لأميركا ومحرض ضد إسرائيل».
لكن الرئيس الأميركي اعتبر أن أمام طهران «فرصة للتصالح مع العالم»، مشددًا على أن إبرامها اتفاقًا مع الدول الست يطوي ملفها النووي: «سيجعلها قوة إقليمية ناجحة جداً تلتزم المعايير والقواعد الدولية، وسيكون هذا الأمر من مصلحة الجميع». وأشار إلى «مواهب وموارد مُدهشة، وتطوّر في إيران»، لكنه اشترط للانفتاح عليها التوصل إلى اتفاق «نووي»، قائلًا: «في حال وصلنا إلى هذه المرحلة الأولى، آمل بأن يشكّل ذلك أساساً لتحسين العلاقات مع الوقت».
هذا ولم يستبعد «أوباما» فتح سفارة أميركية في طهران خلال السنتين المتبقيتين من ولايته الثانية في البيت الأبيض، وزاد: «لا أقول أبدًا، لكنني أعتقد أن هذه الأمور لا بد أن تتم على مراحل». وتابع: «في كوبا كنّا نفعل الشيء ذاته طيلة 50 سنة، من دون أن يحصل أي تغيير، والمسألة كانت في معرفة هل من المناسب تجربة شيء جديد مع بلد صغير نسبيًا لا يشكّل تهديداً كبيراً لنا ولحلفائنا». واستدرك أن إيران «بلد كبير متطوّر يرد اسمه منذ زمن طويل على لائحة الدول التي تدعم الإرهاب، ونعلم أنه كان يحاول تطوير سلاحًا نوويًا، أو على الأقل المكونات اللازمة لذلك».
أما في طهران، فقد علّق مصدر بارز في وزارة الخارجية على تصريحات «أوباما»، لصحيفة «الحياة» اللندنية، إن وزير الخارجية «محمد جواد ظريف» كان واضحًا خلال رسائل وجّهها أخيرًا إلى نظرائه في الدول الست، تضمّنت «ما ترغب فيه إيران من استخدام سلمي للتكنولوجيا النووية»، متحدثة عن «فرصة تؤمنها المفاوضات للأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي».
وأضاف أن «السياسة الإيرانية واضحة في شأن الوجود الإسرائيلي في المنطقة، ورغبة شعوب الدول التي تحتلها إسرائيل، في مواجهتها»، مشددًا على أن طهران «لا يمكنها أن تقف مكتوفة الأيدي إزاء طلب هذه الشعوب المساعدة من أجل الحرية والاستقلال وإنهاء الاحتلال». وعقّب على إمكان تبادل فتح سفارة في طهران وواشنطن، لافتًا إلى أن الحكومة الإيرانية لا تملك الآن أي برنامج في هذا الصدد. وزاد أن «الأمر يتوقف على موقف أميركا من التطورات وآلية تعاطيها مع الشأنين الإيراني والإقليمي».